للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانظر إِليه تَرَ الأَقمار في قمرٍ ... وانظر إليّ تَرَ العُشّاق في رَجُل

بأَيِّ أَمْريَّ أَنجو من هوى رَشإٍ ... في جَفِنه سحرُ هاروتٍ وسيفُ علي

تالله لا مَنْظَرٌ للعين أَحسنُ مِنْ ... عَيْنٍ تُظاهِرُ بين الكُحْل والكَحَل

ووجنةٍ تَعِبتْ بالَّلْثم فامتزجتْ ... بحمُرِة اللّونِ فيها حُمْرةُ الخَجَل

ظبيٌ إِذا استلّ سَيْفَيْ مُقلَةٍ ويَدٍ ... ذَلّتْ لديه أُسوُد الغابِ والأَسَل

تأَبَّط الرُّمْح إِذ وافاه مُعْتدلاً ... ولو تَثَنَّي رآه غيرَ مُعتدِل

إذا رمى طرفهُ باللَّحْظِ قال له ... قَلبي: أَعِدْ لا رَماكَ اللهُ بالشَّلَل

أَمِنْ بني الروم ذا الرّامي الذي فَتَكتْ ... سِهامُه بالورى أَم من بني ثُعَل

يُزْهي بوَجْنته خالٌ غَدوتُ به ... مِن الصَّبابِة مَحسوباً من الخَوَل

خالَسْتُه ضَمَّةًَ عند الوَداع له ... زالتْ ولذَّتُها في القلب لم تَزُل

ونِلتُ من ثَغْرِه رشْفاً على حَذَرٍ ... من الرقيب وتَقْبيلاً على عَجَل

ولست أُنِكْرُ بعد الوصل فُرقَتَهُ ... لأنَّ عُمْرَ الفتى مُفْضٍ إلى أَجَل

إنْ خِفتُ رَوْعةَ هِجران الحبيب فقد ... أَمِنْتُ في حُبِّه من رَوْعَة العَذلَ

أخوه الأمير أبو الفتح

يحيى بن سلطان بن منقذ

لقبه فخر الدين، ذكره لي الأمير مرهف بن أسامة، وذكر أنه قتل على بعلبك في سنة أربعين وخمسمائة.

وأنشدني من شعره ما كتبه إلى أبيه يطلب منه رمحاً:

يا خيرَ قومٍ لم يزل مَجْدُهمْ ... في صفحاتِ الدَّهرِ مَسْطورا

عبدُك يبغي أسمراً ذِكْره ... ما زال بين الناس مَذْكورا

مُسدَّدٌ والجَوْرُ من شأْنه ... إِن نال وِتراً صار مَوْتورا

وإِن تفضّلتَ به عاد عن ... صُدور أَعدائك مَكْسورا

الأمير عز الدولة أبو المرهف

نصر بن علي بن مقلد:

عم مؤيد الدين أسامة، كنا قد حضرنا عند الملك الناصر ليلةً بدمشق سنة إحدى وسبعين، والأمير مؤيد الدين أسامة حاضر، وتناشدنا ملح القصائد، ونشدنا ضالة الفوائد، وجرى حديثٌ اقتضى إنشاد الأمير أسامة بيتين لبعضهم في المشط الأسود والمشط الأبيض وهما:

كنتُ أَستعمل السّواد من الأَم ... شاط والشَّعْرُ في سَواد الدّياجي

أَتلقىّ مِثْلاً بِمِثْلٍ فلما ... صار عاجاً سَرَّحْتُه بالعاج

ثم قال الأمير أسامة: أخذ هذا المعنى عمي نصر وعكسه وقال:

كنتُ أستعمل البياض من الأَمش ... اط عُجْباً بِلّمَتي وشَبابي

فاتَّخَذْتُ السَّوادَ في حالة ال ... شيب سُلُوَّا عن الصِّبا بالتّصابي

وقال لي الأمير أسامة: كان عمي نصر قد أخرج حجةً عن والدته فرآها في النوم كأنها تنشده، فانتبه والأبيات على حفظه:

جُزِيتَ مِن وَلَدٍ بَرّ بصالحةٍ ... فقد كَسَبْتَ ثواباً آخر الزَّمَنِ

وقد حَجَجَتَ إِلى البَيْتِ الحارم وقد ... أَتَيْته زائراً يا خَيْرَ مُحْتَضن

فلا تَنَلْك يدُ الأيّام ما طَلَعَتْ ... شَمْسٌ وما صَدَحَتْ وَرْقاءُ في فَنَن

وكان هذا نصر صاحب قلعة شيزر بعد والده سديد الملك، وكان كريماً ذا أريحية.

قال الأمير مرهف بن أسامة، وهو بمحضرٍ من والده يحدثني أنه كتب القاضي أبو مسلم وادع المعري إلى الأمير أبي المرهف نصر في نكبةٍ نالته:

يا نصرُ يا ابن الأكْرَمِين ومَنْ ... شَفَعَ التِّلادَ بطارِف الفَخْرِ

هذا كتابٌ من أَخي ثِقَةٍ ... يَشْكو إِليك نوائب الدَّهْرِ

فامْنُنْ بما عَوَّدْتَ مِنْ حَسَنٍ ... هذا أَوانُ النَّفْع والضرِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>