للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيهٌ عارفٌ بالأصول، أديب شاعر عروضي، وهو أخو أبي جعفر وكان له شعر طيّب، دخل عليه جماعة في داره بالمعرة ليلاً فقتلوه وذلك في سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة. وهو فقيه شاعر أديب عارف بالعروض.

أنشدني له عبد القاهر بن المهنّا قاضي معرّة مصرين:

يا خليليَّ سَقِّياني كُمَيتاً ... لقَّبوها بدرَّة الأقداحِ

أنقذاني من نشوة الهمِّ بالرّا ... حِ فصَحوي في نشوةٍ من راحِ

بينما أذَّنَ المؤذِّنُ بالعُو ... د اتّئدْ للصَّبوحِ قبل الصّباح

إذ تجلّى من مشرق البيت بدرٌ ... يحمل الشمس في عمودِ صباحِ

فحَبا أوجُهَ النَّدامى شُعاعاً ... حسَرَت منه مُقلَةُ المِصباح

وله:

يا هند ما هذا الجفاء، أما له ... من آخرٍ، ولكلِّ شيءٍ آخرُ

ووَعَدْتِ من طيف الخيال بزَورَةٍ ... أنّى، ودونَ الطَّيف طَرفٌ ساهرُ

ومن شعره كتبه إلى أبي العلاء المُحسِّن بن أبي النّدى الفقيه سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة في مهرجان وافق أوّل شهر رمضان:

للَّه يومُ المِهرجان وطيبُه ... لو لمْ يكدِّرْهُ الصِّيامُ المُقبلُ

ما كان أحلاه لشُربِ مُدامَةٍ ... ووِصال معشوقٍ يجودُ ويبذُل

وسلافةٍ خُلِقَتْ، وآدم طينةٌ ... فمضت بأصلاب الكروم تنقَّل

حتى إذا ما حان وقت ظهورها ... عنباً أُتيحَ لها الزمان الأعدلُ

وسقى فروَّى من ثرى زرَجونها ... نَوءُ الثُّريّا والسِّماك الأهطلُ

سمحتْ لها الأنواءُ ماءَ عُيونها ... من قبل أن سمحَتْ بها قُطْرُبُّلُ

فبدا كما صنع الثُّريّا ربُّها ... عنقودُها المُتَنَظَّمُ المُتهلِّلُ

أبو جعفر محمد بن حوّاري

من المعرة شاب من تُنّائها. مسكنه بحلب. أنشدني لنفسه بدمشق في ذي الحجة سنة سبعين:

توَقَّ زوالَ الحسنِ عند كماله ... ولا تكُ من صَرفِ النَّوى غيرَ خائف

أَلم ترَ أنَّ الوَردَ لما تكاملتْ ... محاسنُه أودت به كفُّ قاطف

وأنشدني لنفسه:

لاحظتُه فبدا النَّجيعُ بخدِّه ... فاقتصَّ، لا متعدِّياً، من ناظري

فكلاهما حتى الممات مُضرَّجٌ ... بدمائه من جائر أو ثائر

وأنشدني لنفسه:

خَفِ الزَّمانَ ولا تأمن غوائلَه ... فما الزمان على شيءٍ بمأمونِ

غداً ترى الشَّعرَ قد غطَّت غياهبه ... ضياءَ خدِّكَ فاستسعيتَ في الهون

الشيخ عبد الرحمن الواعظ المعري

<<  <  ج: ص:  >  >>