للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذا المبتلى المتفكرِ القلبِ الشجي ... ثم اكشِفي عن حاله لا تظلمي

وصلي ولا تستكبري ذنبي الدني ... وترأَّفي بالوالِه المُتَتَيِّمِ

يبدو القِلى بتغيُّرِ الحِبِّ الأبي ... المتلفي بكماله المُستَحكِمِ

[أبو عبد الله بن واصل]

كان من المعروفين لقيت يحيى ابن ابنه أبي سالم وكان نائب جمال الدين وزير الموصل بحلب في الأيام الأتابكية، ثم أقام بدمشق وتوفي بها، وابنه الآن مستوفي دمشق. وكان هذا، أبو عبد الله، معاصر أبي المجد جد أبي اليسر.

وأنشدني أبو اليسر لأبي عبد الله بن واصل في جده:

لا أَمْلَكَ اللهُ هذا الحكمَ غيرَكُمُ ... ولا انقضى من أبٍ إلاّ إلى ولدِ

ولا خَلَتْ منكمُ الدنيا فإنكمُ ... بني سليمانَ، منها الرُّوحُ في الجسدِ

الفيّاض بن جعفر

من أهل المعرة أنشدني القاضي تقي الدين أبو اليسر الكاتب للفياض من قصيدة في مرثية جد أبيه القاضي أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان:

يا عاذلي أَقْصِرْ، عدمْتُك عاذلا ... فلقد غدوتَ بمن رُزِئْنا جاهلا

ومنها:

يا قاضياً ما زال في أحكامه ... كبني أبيه الغُرِّ بَرَّاً عادلا

لله أيُّ نهىً وأيُّ جلالةٍ ... أَوْدَعْتُ منكَ صفائحاً وجَنادلا

ومنها:

قاضٍ قضى الرحمن فيه أنّه ... مُذْ كان يحكم حكم عَدلٍ فاصلا

متواضعاً لله جلَّ ثناؤه ... وإن اعتدى للنَّيِّرَيْن مُطاوِلا

يُمضي اليراعَ عواملاً في كفه ... فيرُدُّ ماضيةَ الرماح عواطلا

ودُروج كُتْبٍ قد ثَنَيْنَ كَتائباً ... أَدْرَاجَها وقنابلاً وقبائلا

بذّالُ ما يحويه في طلبِ العُلى ... أيامَ يَغْدُو كلُّ خَلقٍ باخلا

ومنها:

من ذا يُجيب مَسائلَ الفقه التي ... ما غيرُه عنها يجيب السائلا

أبني سليمانَ الأكارم إنكمْ ... ما زِلتمُ للخائفين معاقِلا

سُدْتُمْ وساد جُدودكم فهناكم الرّ ... حمنُ عاجلَ فضلكم والآجلا

[أبو المواهيب المعري]

عبد المحسن بن صدقة بن عبد الله بن حديد من شعراء المعرة المعروفين، وعاش بعد سنة خمسمائة، ووقعت إليّ له قصيدة في مدح القاضي أبي علي عمار بن محمد بن عمار، بطرابلس، فخر الملك ذي السعدين يهنئه فيها بعيد الفطر سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة وذلك قبل استيلاء الفرنج خذلهم الله عليها وهي نقلتها من خط ابن النقار الكاتب الدمشقي:

مُحِبٌّ من البَيْن المبرِّحِ مُشفِقُ ... يكاد من التفريق في النوم يَفْرَقُ

إذا سَجَعَتْ وُرْقُ الحمام خوالياً ... شَجاه وإن هَوَّمْن فهو مُؤَرَّق

وغيرُ عجيبٍ أن ينوح مُقَيَّدٌ ... إذا ما تغنّى في الأراك مُطوَّق

أَأَحبابَنا جُرْتُم مع البَيْنِ فاعدِلوا ... وجُزْتُمْ مدى هِجرانكم فَتَرَفَّقوا

ففيكم على طبع الجفاء نواعمٌ ... يُرِينَ لُباناتِ الهوى كيف تَعْلَق

سَدَلْنَ دُجى لَيْلِ الذّوائب واعتلت ... وجوهٌ بها مثل الأهلَّة تُشرقُ

فلا صبحَ إلاّ ما تنفّسَ مُسفِرٌ ... ولا ليلَ إلاّ ما يعسعسُ مَفرِقُ

ولا نارَ إلاّ ما تجُنُّ أَضالعي ... ولا ماء إلاّ دمعيَ المُترقرق

ولمياءِ أطرار الظلال، تمايلت ... علينا غصون بالنسيم وأَسْؤُقُ

تثنّى على شَدْو الحمام وإنَّها ... لتُصْبَحُ من كأس الجِمام وتُغْبَقُ

إذا ذَكَتِ الشِّعرى العَبورُ أَقالَنا ... بها الحَرَّ دوحٌ ممطِرُ الظِّلِّ مُورِقُ

لجأْنا إليها عائذين ببانِها ... وغدرانُها من تحتها تتدفّقُ

وقد رشفتنا الشمس حتى سيوفنا ... على وَقدها لم يبق فيهنَّ رونق

<<  <  ج: ص:  >  >>