للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنّني خُضت الرّدى ولقيُها ... لِقاءَ محبٍّ أعجلته البوادرُ

وعاتبتها حتى الصّباحِ وحولَها ... ميامنُ من نُظّارِها ومياسرُ

فأصبحتُ ما بين المطامحِ والأسى ... فلا الوصلُ موجودٌ ولا القلبُ صابر

أميّاسةَ الأعطافِ عطْفاً على شجٍ ... هواكِ له ما شئتِ ناهٍ وآمرُ

يَبيتُ كما بات السّليمُ من الجوى ... ويُصبحُ كالمأسورِ عاداهُ ثائرُ

أصخْتِ لأقوالِ الوُشاةِ فبِعتِني ... وبائعُ مثلي يا لُميّاءُ خاسرُ

وهدّدني أهلوك فيك وإنّني ... لتَصغُر عندي في لِقاك الكبائرُ

ولده محمد بن المؤيّد

شابٌ ذكيّ. له شِعر حسن. ولو عاش، فضَل والده نظماً وذكاء. هاجر الى الملك العادل نور الدين بالشام، وأقام في خيمتي بالعسكر، سنة أربع وستّين وخمس مئة، وكنّا في صرْخَد، فمرِض، فنفّذناه الى دمشْق فتوفي في الطريق بضيعة يقال لها رشيدة.

وله ما أنشدنيه لنفسه، وكان نور الدين - رحمه الله - سامه أن يتوجّه الى مصر مع العساكر الذين جهّزهم إليها، وكتب بها إليه:

أيها العادلُ الذي ملأ الأرْ ... ضَ عطاءً غَمراً وأمناً وعدلا

لم أسِرْ طالباً سِوى فضلِك الضّا ... في وحاشايَ لا أصادفُ ظِلاّ

لستُ أرضى من بعدِ ظلِّ إمامِ ال ... حقّ ظلَّ الدّعيّ حاشا وكلاّ

ظِلَّ قومٍ إذا تسنّنتُ فيهم ... سحَبوا لي كُمّاً وزيقاً ورجلا

كلّ هذا إذا سلمْتُ ولا أو ... ثَقُ أسراً ولا أُبَضّعُ قتلا

في يدَيْ كافرٍ إذا قلت فيه ال ... شِعرَ سهلَ المعنى وأعربتُ جزْلا

لم يرقّقْه لي ولم يُعطِ إلا ... حِمل صخرٍ على اليديْن ونقلا

ثمّ إنْ عدتُ بعد ذاك الى بغ ... دادَ صادفتُ ثمّ سجناً وغُلاّ

كيف فارقتهم وصرت الى قو ... م يرونَ الحرامَ في الرّفضِ حِلاّ

فاجبُرِ اليومَ منعِماً قلبَ عبدٍ ... مقبلِ العمر حظّه قد تولّى

هو في العسكر المظفّر يُفني الدم ... عَ شُرباً ولحم كفّيهِ أكلا

لا استردّ الإلهُ منك الذي أع ... طى ولا ذُقْت بعد أمنِك عزلا

وله يهجو أبا المعالي ابن الذّيدان، وكان أصله يهودياً في دمشق، وكان قد وصل شِطرَنجي آخر يقال له ابن أبي زِنبيل:

فتى الدّندانِ قد جا ... ءك منْ يقلَعُ دنْدانَكْ

ومنْ يصفَع جالو ... تَك بالنّعل وحزّانَكْ

فتى الزِّنبيل بالزِّن ... بيلِ قد خدّر آذانَكْ

فإن عُدْتَ تُماريه ... وإنْ أكثرت بُهتانكْ

فما يلعَبُ بالحظّ ... ولا يقبلُ فِرْزانَكْ

وسبب ذلك وصول أبي الرضا بن أبي زِنبيل الى دمشق، وادّعى أنه يغلب ابن الذّندان، وطلب مجاراته في حلبة اللّعب بين يدي السلطان، فأبى أن يلعب معه إلا بحظّ الفِرْزان.

الكامل أبو عبد الله

الحسين بن أبي الفوارس

قرأت بخطّ أبي المعالي الكتبيّ، وأنشدني أيضاً، قوله:

صَبا الى اللهوِ في هُبوب صَبا ... وقال قُمْ فالصّبوحُ قد وجَبا

ها أنجمُ الصبحِ من مخافتها ... مِيلٌ الى الغرب تطلبُ الهرَبا

وأدهمُ الليلِ كلّما حاولَ ال ... حُظوةَ من أشهبِ الصّباح كبا

والدّيكُ قد قام في مُمزّجةٍ ... شمّر أذيالَها وشدّ قَبا

يَصيحُ إما على الدُجى أسفاً ... منه وإمّا على الضُحى طربا

وقوله:

وأغيدٍ خِلتُه والكأسُ في يده ... بدراً يُسيّرُ شمساً في دَياجيه

أدارها فظننتُ الشرقَ في يده ... وعبّها فحسِبتُ الغربَ في فيهِ

لو رأيتَ اللِّحاظَ تُنزلُ غدري ... يومَ ذي الأثلِ كنتَ تمْهَدُ عذري

منها:

إنّما فاتكَ الهوى فتعجّبْ ... تَ لكوني أسري له تحت أسري

وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>