للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاث كلمات متجانسة اللفظ، متباينة المعنى، سمح خاطره بها من غير تعسُّف، والبيت في غاية الرقّة والسّلاسة.

قالوا وقد ودَّعتُهُمْ وأدمُعي ... تجري وقد أبدى الأسى حنيني

في الهجر أجرٌ فاصطبر إن لعبتْ ... أيدي النَّوى بقلبك الحزين

فارتحلوا فبتُّ من أجرٍ على ... شكٍّ ومن هَجرٍ على يقين

سلامة بن الزرّاد السِّنجاريّ

كان بعد الخمسمائة. له يهجو بعض القضاة:

ضاق بحفظ العلوم ذَرْعاً ... ضِيقةَ كفَّيْه بالأيادي

قاضٍ ولكن على المعالي ... والدين والعقل والسَّدادِ

يعدِلُ في حكمه ولكن ... إلى الرُّشا أو عن الرَّشاد

الرئيس مجد الدين

الفضل بن نصر السنجاري

ذكر أنه من أهل الفضل ولكنَّه قليل النظم، أنشدت له:

أَيُّ جُرمٍ منّي توالى إلى الدَّهْ ... رِ فكافى ببُعدِكُم ليت شعري

وبَلاني بنار شَوقٍ إليكم ... زَندُها والوَقودُ قَلبي وصَدري

مات صبري بها ولولا رجائي ... أن يزول البِعادُ كنتُ كصبري

البهاء السِّنجاري

من المتفقِّهة: أسعد بن يحيى بن موسى السنجاري أنشدني لنفسه بدمشق في مدح كمال الدين الشهرزوريّ سنة سبعين:

مَنْ مُنْصِفي مِن ظَلومٍ لَجَّ في الغضبِ ... يَظَلُّ يلعبُ والأشواق تلعب بي

مُستعرِب من بني الأتراكِ ما تركتْ ... أيّامُ جَفوته في العُمر من أرَبِ

تناسبَ الحُسنُ فيه غيرَ مُكتسَبٍ ... والحُسنُ ما كان طبعاً غيرَ مُكتسَبِ

مُنايَ من لذَّةِ الدُّنيا بأجمعها ... تقبيلُ دُرِّيِّ ذاكَ المَبسِم الشَّنِبِ

فدَيْتُه من حبيبٍ قال مُبتسماً ... دَعْني من الهَزْل ما حُبِّي من اللَّعِبِ

للَّه ليلتنا والكأْسُ دائرةٌ ... على النَّدامى وبدرُ التِّمِّ لمْ يغِبِ

طافتْ لِحَيْنِيَ كفُّ الأعجميِّ بها ... فكدْتُ أُسْلَبُ من عقلي ومن أدبي

أدارها فتغشَّتْهُ أَشِعَّتُها ... وخِلْتُه خاضَ في بحرٍ من اللَّهب

فقلتُ: يا قوم هذي النارُ يحملُها ... كفٌّ من الماء، هذا غاية العجبِ

وقام البهاء السنجاري وانشد الملك النّاصر قصيدةً في دار العدل بدمشق سنة إحدى وسبعين في شعبان منها:

جرَّدْتِ من فَتكاتِ لحظكِ مُرْهَفا ... وهَزَزْتِ من لينِ القوام مُثقَّفا

وجَلَيْتِ من روض الخُدود شَقائقاً ... وأدرتِ من خمر اللَّواحِظِ قَرْقَفا

فمتى تَعاطَى اللَّحْظُ فضلةَ كأْسِها ... لم يُلْقَ إلاّ مُستهاماً مُدْنِفا

ومنها:

يا ظبيةَ الهَرَمَيْنِ من مصرٍ على الرَّ ... بْعِ السلامُ وإنْ تقوَّض أوْ عفا

أصبو إلى عصرٍ تقادمَ عهدُه ... فأَزيد من وَلَهٍ عليه تلهُّفا

حَدَقُ المَها وقدودُ باناتِ النَّقا ... وتفَيُّؤُ الفَيُّومِ في زمَنِ الوَفا

والخمرُ نارٌ في الكؤوسِ يَزيدها ... وَقْداً حَبابُ الماء يَرْعَد إن طَفا

ومنها:

لِلَّه ليلةَ ودَّعَتْ ودموعها ... كالطَّلِّ فوق الورد آنَ ليُقطَفا

فكأنَّني إذْ بِتُّ ألوي عِطْفها ... ألوي من الرَّيحان غُصناً أَهْيَفا

بيضاءُ يَعطِفُ قدَّها سُكْرُ الصِّبا ... كَحْلاء تكسِرُ منه جَفْناً أوْ طفا

أحبابنا بالقصر لو قصَّرْتُمُ ... في الهجر ما شَمِتَ الحسودُ ولا اشتقى

أشكو إلى الوادي فيَحنو بانُهُ ... من رقة الشَّكوى عليَّ تَعَطُّفا

ومنها:

وجرى بي الأملُ الطَّموحُ فأَمَّ بي ... سلطانَ أرض الله طَرّاً يُوسُفا

الناهب الأرواح في طلب العُلى ... والواهب الآجال في حسْن الوَفا

مَولىً له في كلِّ يومٍ يُجْتَلى ... مُلكٌ يُجَدَّدُ أو مَليكٌ يُصطَفى

<<  <  ج: ص:  >  >>