للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك يا جمالَ الدّولةِ الذّكرُ الذي ... بجميله حقَبُ الزّمانِ خُلودُ

يا واحدَ الآحادِ إني في الذي ... تُصغي إليه من الثّناءِ وحيدُ

لن أجحَدَ النِّعَم التي أوليتَني ... متبرّعاً وبها عليّ شهودُ

وقال يمدحه:

سفرَتْ فقال أدلّةُ السّفْرِ ... أشعاعُ شمسٍ أم سَنا بدرِ

وتبسّمت والليلُ معتكرٌ ... فجلا دُجاهُ تألّقُ الثّغرِ

خصِرُ المَذاقِ كأنّه برَدٌ ... عذْبُ المُجاجةِ طيّبُ النّشرِ

فكأنّما عُلّت مراشفُه ... غِبَّ الكرى بسُلافة الخمرِ

مهزوزةُ الأعطافِ إن خطرت ... فتنت بخوطِ أراكةٍ نضْرِ

للهِ أيُّ عُرَيبِ باديةٍ ... أسَروا الأسودَ بأعيُنِ العُفْرِ

كم باتَ دون قِبابِ غيدِهمُ ... قلبٌ تقلّبُه على الجمرِ

عذراءُ كلّ شجٍ بها كلِفٌ ... رمِضُ الجوانحِ واضحُ العُذرِ

تُصبي الحليمَ بمُقلَتَيْ رشأٍ ... هزأت لواحظُهنّ بالسّحرِ

وتزيدُ قلبَ محبِّها قلَقاً ... قلقَ الوِشاحِ يجولُ في الخصرِ

يلْحى العَذولُ على الوُلوعِ بها ... ويلومُ وهو بحبّها يُغري

كم مُخدِرٍ شَئنٍ براثنُه ... ضرِمِ اللحاظِ يذُبّ عن خِدْرِ

حيثُ الرّياضُ كأنّ زهرتَها ... تسِمُ الصّعيدَ بأنجمٍ زُهرِ

والحيُّ تحميهِ أغيلمةٌ ... بالمُقرَباتِ لواحقِ الضُمْرِ

عقدت سبائبَ كلِّ سلهَبَةٍ ... بذوئبِ الهنديّة البُتْرِ

من كلّ رعّافِ السِّنانِ إذا ... حطم الطِّعانُ مثقّفِ الصّدرِ

شزْرِ اللّحاظِ الى الكميّ إذا ... شرِقَ القَنا بطِعانِه الشّزْرِ

ولقد أقول لركْبِ داجيةٍ ... يُنضينَ كلّ شمِلّةٍ عُبْرِ

ومرنّحينَ من الكَلالِ وقد ... هزَم الظّلامَ طلائعُ الفجرِ

يتناشدون الخِصْبَ حيث حمى ... شوكُ الرِّماح نقائعَ الغُدْرِ

شيموا بُروقَ أبي السّعودِ إذا ... خلَبَتْ بُروقُ سحائب القَطرِ

واستمطروا دُفُعاتِ جودِ فتىً ... غَمْرِ المواهبِ ليس بالغَمْرِ

الأديب أبو طاهر محمد بن حيدر

بن عبد الله بن شعيبان البغدادي الشاعر

كان شاعراً بليغاً مُجيداً، حسن الشّعر، رقيقه.

يسكن سوق الثّلاثاء. أعور.

سمعت شيخنا عبد الرّحيم بن الأخوة البغدادي، بأصفهان، يقول: كان له شعر حسن، وكان من مادحي سيف الدّولة صدقة بن منصور.

قال: أنشدني أكثر أشعاره، فما وجدت فيها أحسن من قوله في الخمر:

ومُدامةٍ كدم الذّبيحِ سخا بها ... للشّرْبِ من لهَواته الإبريقُ

رقّت، فراقَ بها السّرورُ ولم تزلْ ... نُطَفُ السّرورِ ترقّ حين تروقُ

حتى إذا ضحِكَ الزُجاجُ لقربها ... منه بكى لفراقها الرّاووقُ

وقوله:

يا جاحدي فضلي وقد نطقت ... بفضائلي بدَهاتُه عنه

هل أنت إلا البدرُ توضحُه ... شمسُ الضّحى وكسوفُها منه

وقوله:

ما لي إذا أنا لُمْتُ أُسرةَ مزْيَدٍ ... والغُرّ من سرَواتهم لم أُعذَرِ

أم ما لقلبي كلّما كلّفتُه ... صبراً على فعَلاتِهم لم يصبِرِ

وإذا هممتُ ببسط عذرِهمُ على ... منعي وهم سُحُبُ النّدى لم أقدِرِ

وقوله في رقّاصة:

رقّاصتي هذه لخفّتها ... تكادُ تحت الثّيابِ تنسبكُ

خفيفةُ الجسم ما لها كفَلٌ ... يُثقلُها شحمُه ولا وَرِكُ

كأنّما الأرضُ تحتها كُرةٌ ... تحمِلُها وهي فوقَها فلَكُ

وقوله في صفراء:

أنت يا لائمي على شعَفِ النّف ... سِ بحبّ الوليدةِ الصّفراءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>