للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصفحةِ الصفح منكَ يبدو ... جِرْمُ قصوري بغير جُرْم

باسمكَ للشكر باسماتٌ ... مِنِّي مُنىً سُقْتهُنَّ باسمي

أَقبِلْ وأَفضِلْ عليَّ واقبَلْ ... عُرْبَ معانٍ لديك عُجْم

ما دمتَ عوني فليس يَغْدو ... جميلُ وسمي قبيحَ رَسْم

[القاضي المؤتمن ابن كاسيبويه الكاتب]

من صدور كتاب مصر الذين يثنى عليهم الخنصر، ويقوى باعتدال طبائع خواطرهم من البراعة العنصر. ولم يزل في الدولة المصرية مقدماً مصدراً، وبكر فضله خلف حجاب الصدور مخدراً. ما أحسن أثر يراعته خطاً، وما أمكن خاطره المنير في سماء النظم لفلك المعالي قطباً. ولما زال عن مصر ببشر الدولة العباسية عبوسها، وبدا كل يوم يحل خمارها ويقلع بوسها، حار ابن كاسيبويه، وكاد يخفي ولو أنه في العلم سيبويه، فآواه القاضي الفاضل وغمرته منه الفواضل، وناضل عنه حين دون المنى ضل المناضل، وصيره الملك عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب وزيره، وأسمعه من غناء الغنى بجاه خدمته بمه وزيره. وهو الآن ذو جاهٍ عريض، وروض قشيب أريضٍ، سهل العبارة سلسها، مبتدع الاستعارة مختلسها، كنايته حلوة معسولة، من تكلف الصنعة مغسولة.

وله نظم يناسب نثره سلاسةً ونهجاً، ويلائم وشي رسائله سلامة ونسجاً؛ فمن ذلك أني ملت لحضرة الملك عز الدين فرخشاه في داره بالقاهرة ليلة الثاني من رجب سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، والمؤتمن بن كاسيبويه حاضر، وقد كتب له من شعره في مدحه ورقة قد أودعت من لطائفه، فأخذتها ناظراً في ناضر زهرها، ومنها قوله:

وسَمَتْ محاسنَك الزمانُ فلم تَدَعْ ... وَقْتاً من الأوقات إلا مَوْسِمَا

أَزْرتْ خلالُكَ بالحسام إذا مَضَى ... عند الضَّريبةِ والغمامِ إذا هَمَى

لا غرو أن جَرَّ الجيوش مُقَدَّماً ... من كان مذ شَهِد الوقائع مُقْدِما

قسماً لقد هجر الكرَى جَفْني فلا ... يعتاده حتى يَعُودَ مسلِّما

وله، صدر كتاب:

لا زلت منصور اللواءِ مظفراً ... والسَّعْدُ يرحلُ إن رحلتَ وينزلُ

والنجح مقرونٌ بقصدك دائماً ... والدهر يتبعُ ما تقولُ وتفعل

وإذا قَفَلْتَ فَوَاجَهتْكَ مَيَامِنٌ ... تبدو بشائرها وجَدٌّ مقبل

أنت الذي جاهدتَ عن دين الهدى ... فأَعزَّ نصركَ ناصرٌ لا يُخْذَل

وَأَزَرْتَ أَرْضَ الشركِ أَطرافَ القَنَا ... حتى غَدَتْ من خيفةٍ تتزلزل

وبِأَلْسُنِ الأَغمادِ خاطبتَ العدا ... فأجابها فتحٌ أغرُّ محجَّل

نرْجى الجيادَ إلى الجهاد جحافلاً ... تَغْشَى البلادَ وأنت وحدك جحفل

فَلْيَهْنِكَ الفتح الذي سَبَقَتْ به البُشْرَى ... وأشرقَ بِشْرُهُ المتهللُ

يا من يُجَلِّي كلَّ خطبٍ مُعْضلٍ ... قولٌ له فَصْلٌ وسيف فَيْصَلُ

عَقَدَ الوقارُ عليك تاجَ سكينةٍ ... بالنور لا دُرِّ العقود يُكَلَّلُ

أحرزتَ من فضل الكمال خصائصاً ... عنها أحاديثُ المكارم تُنْقَل

فاسلْم لملْكٍ قد حفظتَ نظامَه ... وسما بعزك مجدُهُ المتأَثِّلُ

يحوي مقاليدَ البلادِ فسابقٌ ... أَعطى القيادَ ولاحقٌ مُتَمَهِّلُ

عدة في الديوان الفاضلي السرير

علم الرؤساء أبو القاسم عبد الرحمن بن هبة الله بن حسن بن رفاعة من أهل مصر، المعروف ب

كاتب الأمير ناصر الدولة

<<  <  ج: ص:  >  >>