للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عجبَ الوَرَى لما حييت ... وقد منيت ببعده

وبقاء جسمي ناحلاً ... يصلي بوقدة صدِّه

كبقاء عنبرِ خالِهِ ... في نارِ صَفْحةِ خَدِّه

وقوله في شمعة:

وصحيفةٍ بيضاءَ تَطْلُعُ في الدجى ... صبحاً وتشفي الناظرين بدائها

شابتْ ذوائبها أَوانَ شبابها ... واسودَّ مَفْرِقُها أَوانَ فنائها

كالعين في طبقاتها ودموعِها ... وسوادِها وبياضِها وضيائها

وقوله في الشمعة أيضاً:

وصَعْدَةٍ لدنةٍ كالتبر تَفْتُقُ في ... جنحِ الظلامِ إذا ما أَبْرَزَتْ فَلَقَا

تدنو فيَخْرِقُ بُرْدَ الليل لَهْذَمُها ... فإِنْ نأَتْ رَتَقَ الإظلامُ ما فَتَقَا

وتستهلُّ بماءٍ عند وَقْدَتِها ... كما تأَلَّقَ برقُ الغيثِ فاندَفَقَا

كالصبِّ لوناً ودَمْعاً والتظاً وضناً ... وطاعةً وسهاداً دائماً وشَقَا

والحِبِّ أُنساً وليناً واسْتِواً وشَذاً ... وبهجةً وطُرُوقاً واجْتِلاً وَلِقَا

وقوله:

أما اللسانُ فقد أَخْفَى وقد كتما ... لو أَمكن الجفنُ كفَّ الدمع حين هَمَا

أصبتمُ بسهامِ اللحظِ مُهْجَتَهُ ... فهل يلامُ إذا أجرى الدموع دَمَا

قد صارَ بالسقم من تعذيبكم عَلَماً ... ولم يَبُحْ بالذي من جَوْرِكم عَلِمَا

فما على صامتٍ أَبْدَى لصدِّكُمُ ... في كلِّ جارحة منه السقامُ فما

وقوله في مرثيه بالعظات مثرية:

شِيَمُ الأيَّامِ سدٌّ بعد وُدِّ ... والليالي عهدها أَهْوَنُ عَهْدِ

إن أَعَانَتْ عَدَلَتْ أَوْ خَذَلَتْ ... سَلَبَتْ أَوْ وجدت راعت بفَقْدِ

أُفِّ للدُّنْيا فكم تخدعنا ... من حِبَاهَا بمُعَارٍ مُسْتَرَدِّ

ما وَفَتْ أَعوامُ قُرْبٍ بالذي ... جَنَتِ اللوعةُ من ساعةِ بُعْدِ

يا أَخا الغِرَّةِ حَسْبُ الدهر من ... عِظَةِ المغرور ما أَصبح يُبْدِي

تؤثرُ الدنيا فهل نلتَ بها ... لحظةً تخلصُ من همٍ وكَدِّ

الشيخ أبو الحسن

علي بن الحسن المؤدب

قرأت في مجموع له:

وأهيفٍ كالقضيبِ مُعْتَدِلاً ... باتَ بروضِ الجمال مَغْرُوسَا

أَثمر بالشمسِ والظلامِ وهلْ ... يجتمع الصبحُ والحناديسا

سُمِّيَ باسم المسيح وهْوَ على ... ضدِّ الذي كانَ فاعلاً عيسى

فذاك يُحْيي وذا يميتُ ضَناً ... صبّاً عليلاً لديه لا يُوسَى

تَحَكُّمٌ في النفوسِ يملكها ... مثل سليمانَ عرشَ بلقيسا

يلتقفُ السحرَ سحرُ ناظره ... كأنما لحظهُ عَصَا موسى

وله في ذم العذار:

انْقَعْ غليلَ الأَسَى بدمعٍ ... تُقْرِحُ أَسرابُهُ الجفونا

محا اسمَكَ الشَّعْرُ من خُدودٍ ... أثبتَّ في صحنها شُجُونَا

ما دبَّ في عارِضيك حتى ... بذلتَ من نفسك المصونا

فلا عدمنا اللحى فإنَّا ... بها نروضُ الفتى الحَرُونا

الشريف أبو الحسن علي بن محمد

الأخفش المغربي الشاعر

كنت أسمع التجار من أهل مصر وغيرهم من أهل الشام يصفونه ويطرونه، وعلى من بمصر من الشعراء يقدمونه، فإذا استنشدهم أحدٌ شعره قالوا ما نحفظه؛ لكنا لقبوله بمصر بعين الفضل نلحظه، حتى أنشدني الشريف أحمد ابن حيدرة الزيدي الحسيني شعره، فوجدت موافقاً لخبرهه خبره. أنشدني له من قصيدة في المنبوز بالآمر:

سَقَى دِمَنَ السَّفْحين للقطرِ صيِّبُ ... وحَيَّا رُبَى حَيٍ رَبَا فيه رَبْرَبُ

فهل لي إِلى شَهْدِ اللواعسِ مَشْهَدٌ ... وهل لي إلى شِعْب الأَحِبَّةِ مَشْعَب

وما ليَ عن شرعِ الصبابةِ مَشْرَعٌ ... وما ليَ إلاَّ مذهبَ الحبِّ مَذْهَبُ

وفي الحيِّ رودٌ في عِذابِ وُرودِهَا ... عَذابٌ يُذيب العاشقين ويَعْذُبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>