للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنَّ لي أَسْتَسِرُّ مِنْهُ عِذَاراً ... فتذكَّرْتُ أنَّهُ نَمّامُ

أخوه النجيب العلم

عبد الله بن حسين بن الدباغ

له خاطرٌ حسن وفصاحةٌ ولسن، ونظم مستوٍ، لملعاني مستوف وللنكت محتوٍ، وجدت له قصائد بخطه أعارنيها الأسعد الخطير بن مماتي، فمن جملتها قصيدة أولها:

في دمي لو عليه جَرَّدْتُ دَعْوَى ... كان في وجنتيه شاهدُ عَدْوَى

قَمَرِيُّ الأَوْصَافِ إن لاحَ حُسْناً ... غُصُنِيُّ الأَعطافِ إن ماسَ زَهْراً

رَشَإِيٌّ إذا رَنا طَرْفُهُ الفا ... ترُ دانتْ له الضراغم عَنْوَا

مَنْ سِوَائي أَحْوَى لصبرٍ ولكنْ ... كيف صبري وقد تعشَّقْتُ أَحْوَى

لائمي في الغرام دَعْنِي فحسبي ... شُغْلُ قلبٍ بمن غدا منه خِلْوَا

ما أُبالي باللوم فيه وإن زِدْ ... تَ ملاماً في حبِّهِ زدتُ بلوى

في هواه استعذبتُ مُرَّ عذابي ... فتعنِّيكَ فيَّ يَذْهَبُ لَغْوَا

ولئن صرتُ فيه نِضْواً فما ... أَبْغِي لثوبِ النحول عنِّيَ نَضْوَا

بأَبي من يزيدُ قسوةَ قَلْبٍ ... في الهوى كلما تزايدتُ شَكْوَا

ليته عندما بَدَانيَ بالهجرانِ ... لو يجعلُ التَّواصل تِلْوا

حبذا ذاك منه لو سمح الدهرُ ... وهيهات منه تقريبُ جَدْوَى

ومنها في الحث على السفر والتخلص إلى الممدوح:

فتجرَّعْ كأسَ التغرُّبِ مُرّاً ... تَسْتَسِغْ مَطْعَمَ المآرب حُلْوَا

وانتجعْ منزلَ الأَماني خصيباً ... من نداه ومنهلَ الجود صَفْواً

سنَّ آباؤه المكارمَ شَرْعاً ... فلهمْ في النَّدَى أحاديثُ تُرْوَى

وعليهِ نَصُّوا فلا تَتَطَلَّبْ ... صِنْوَهُ في النَّدَى فتعْدَمَ صِنْوَا

ومنها:

أصبحتْ رتبةُ الرياسةِ لمَّا ... سُلِبَتْهُ تَحِنُّ شوقاً وشَجْوَا

هيَ لولا رجاؤُها فيكَ كانت ... تتلاشى من الفراقِ وَتَضْوَى

فإذا ما صَدَدْتَ عنها دلالاً ... فَتَعَطَّفْ فليس غيرك تَهْوَى

ومنها:

وتملَّت بالسيفِ منك مَضَاءً ... واستظلَّتْ في الحلم منك برَضْوَى

ومنها في صفة الثغر:

هُوَ لمّا حللتَهُ شرفاً ذو ... شُرُفَاتٍ لها مع النَّجم نَجْوَى

مكتيسٍ منك بهجةً وابتهاجاً ... حَلَّيَاهُ مع المَسَرّةِ سَرْوَا

إنما أنت غيثُ جودٍ إذا ... حلَّ بربْعٍ سقى ثراءً وأَرْوى

فجميعُ الأَقطار لو مَلَكَتْ سَعْياً ... لجاءت إليك تُسْرعُ خَطْوَا

فأَعِدْ منك للبلاد جميعاً ... نظراً عائداً كما كان بَدْوَا

وَلِّ تدبيرَ أَمْرِها فلها جي ... دُ التفاتٍ إليك يُثْنَى ويُلْوَى

وابقَ ما غَرَّدَ الحمائمُ شدواً ... وشدا سائقُ الركائب حَدْوَا

وله من قصيدة:

مُذْ ماسَ تيهاً في غلائلِهِ ... باءَ القتيلُ بذنبِ قاتلهِ

غُصنٌ جَلَتْ بدراً أَزِرَّتُهُ ... فالتاجُ في أَعلى منازلهِ

مُتكَحِّلٌ بالسحر قد فَعَلَتْ ... أَلحاظُهُ أَلْحاظَ بابلِهِ

فمتى يَرَى في حبِّهِ دَنِفٌ ... وَجْهَ التخلُّصِ من بلابله

مولاي هَبْ وَصْلاً لذي حُرَقٍ ... قد بُحَّ في عِصْيانِ عاذِلِه

فتلافَ مَنْ بِتَلافِ مُهْجَتِهِ ... شَهِدَ المُحَقِّقُ من دلائلهِ

ولِصَبْرِهِ إِنْ سامَ نُصْرَتَهُ ... في حبِّه تسويفُ خاذِلِه

ولسرِّه بلسانِ صامته ... من دَمْعه لَهَواتُ قاتِلِه

وله من قصيدة نظمها سنة ست وستين وخمسمائة يهنىء الخطير بن مماتي بالإسلام:

أبى قلي سوى تَلَفِي وذُلِّي ... ويأْمُرُني العواذل بالتَّسَلِّي

وبدرُ التمِّ فوقَ قضيبِ بانٍ ... تَثَنَّى مائساً في دِعْصِ رَمْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>