للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم رددت على العذّال ما سهروا ... في حوكة فهو لم ينجح ولم يحك

وكم عدوت الى الحانات منهمكاً ... بكل عاد الى اللذات منهمك

أهين مالي وأغلي الراح دونهم ... في ظلّ عيش كما تهوون مشترك

ومسمعاً يجمع الأسماع في قرَن ... من صوت غِرّ عليه لحن محتنك

وساقياً تركب الصهباءُ نظرتَه ... الى صريع من الفتيان منبتك

غدا يصرِّفها فينا ويمزجها ... فنحن وهي مع الأيام في ضحك

والماء يحذر منها أن تطير فقد ... صاغ الحُباب عليها صيغة الشّبك

ومنها:

كأنها جوهر في ذاته عرَضٌ ... قد شيب مُنسبِكٌ منه بمنسبك

فاسمع بعينيك عنها مثل ما سمعت ... أذناك ما قيل عن نوح وعن لمَكِ

وليلة بتُّها والأرض عامرة ... حولي بحور وبانٍ ماس في نبَك

ومنها في الدّبيب:

والكأس تخدعهم عني وقد نذروا ... بأنني غير مأمون على التّكك

حتى إذا أقبلوا منه ومال بهم ... أخذ الكرى وتداعى كل ممتسك

دببت أكتم في أنفاسهم قدمي ... كأنني بينهم ماش على الحسَك

وقد تخلص غيّي من يدَي رشدي ... فيهم وأطلق فتكي من عرى نُسكي

فبتّ أنقد مما خولوا سِككاً ... وكنت قدماً أجيد النقد للسكك

وقد وثقت بعفو الله عن زللي ... فما أبالي بما خطّت يد الملك

وله من أخرى في الخمر:

وصهباء كالإبريز تبصر كأسها ... من اللمع في مثل الشراع المدّد

كما حفّ نور البدر من حول هالة ... وفاض لهيب الشوق من قلب مكمد

إذا ما احتوتها راحة المرء أمسكت ... بهُدّاب ظل من سناها مورّد

وإن ناولتها بالمزاج يدٌ عَلا ... لها زبد مثل الدِّلاص المسرّد

إذا ما تبدّى تحسب العين أنه ... نجوم لجين لُحْن في أفق مسجد

وله:

حيّى بريحان وقد ... حصِرَ اللسانُ فناب عنه

وفهمتُ من معكوسه ... تأخير ما أبغيه منه

أحسن من هذا ما طالعتُه من مجموع في الأترج:

أترجّة قد أتتك تُهدى ... لا تقبلنه وإن سُرِرْتا

لا تهوَ أُترجّة فإنّي ... رأيت مقلوبها هجرتا

عدنا الى شعر ابن الطوبي.

نبَذٌ منه في الأوصاف والتشبيهات له في وصف الثريا:

انظر الى الأفق كيف بهجتُه ... وللثريا عليه تنكتُه

كأنها وهي فيه طالعة ... قميص وشيٍ وتلك عروته

وله في الخضاب ومدحه:

بعيشك ما أنكرت من ذي صبابة ... تجمّل في ردّ الصبا فأعادَه

هبِ الشيب في خدي بياض أديمه ... زمان شبابي في الخضاب سوادَه

وله في العذر:

قدّ من الأغصان يشرق فوقه ... وجهٌ عليه بهجة الأقمار

وكأنّ ممتدّ العذار بخده ... ليل أمرّ على ضياء نهار

وله:

يا حبّذا كأسٌ يكون بها ... ريقٌ كأنّ ختامه مسكُ

باتت تعلّلني بها وبه ... حسناء ما في حسنها شكُّ

هاتيك كالدنيا فلا أحدٌ ... إلا لها بفؤاده فتكُ

وله في العذار:

قال: العذول التحى فقلت له ... حسنٌ جديدٌ قضى بتجديد

أما ترى عارضيْه فوقهما ... لام ابتداء ولام توكيد

وله يصف الكأس والحباب:

يا حبذا كأس بدت فوقها ... حبابة زهراء ما تذهب

أداره الساقي فردّ الضحى ... وانجابت الظلماء والغيهب

فقلت للشِّرب انظروا واعجبوا ... من حسن شمس وسطها كوكب

وله يصف قوّاداً يحسن الصناعة:

وأحور مائل النظرات عني ... دسست إليه من يسعى وسيطا

فجاء به على مهَلٍ وستر ... كما يستدرج اللهبُ السّليطا

أبو محمد عبد العزيز بن الحاكم عمر بن عبد العزيز

المعافري

<<  <  ج: ص:  >  >>