للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رعى الله أكنافَ الجزيرة إن رعى ... سوائمها عضْبُ الغِرارين باتك

يشيد أعاديه الحصونَ منيفةً ... وهل منع الإفشينَ ما شاد بابك

وإني لآتي الحقَّ فيما أقوله ... وما أنا فيما يعلم الله فاتك

شهدتُ لقد حاز العلا بيمينه ... غداة تصدّاه الرّدى وهو ضاحك

ليوث وغًى أذكت خلال ضلوعها ... لهياً أنارته لهنّ الحسائك

ومنه يصف القتلى، وطابق أربعة بأربعة في بيت واحد:

فأقصاهمُ رضوانُ عن روح جنة ... وأدناهمُ من نفحة النار مالك

وأنا أقول إن كان قد طابق ولكن في البيت اضطراب بيّن من قبل المقابلة، فأمعن النظر فيه.

وله من أخرى:

للتّلاقي يهونُ ما قد ألاقي ... من سُهاد وعَبرة واشتياقِ

لو تخلّصت للقاء لأطفأ ... تُ غليلي بدمعيَ المهراقِ

فدموع الفراق كالنار حَرّا ... وكذا ضدّها دموعُ التلاقي

كنتُ في غبطةٍ وطيب حياة ... لو وقاني من سطوة البيْن واق

كم قطعت الدجى بوصل حبيب ... وسّع العيشَ منه ضيقُ العناق

آهِ من صبوتي التي لم تدعني ... نازعاً من صبابةِ العشّاق

وله من أخرى:

أيه الغصن لِنْ بعطفك غضّا ... وليكن منك للقطيعة رفْضُ

وأجزِ ودّي بمثله ودع السخ ... ط وعُد للرضا فللختم فضُّ

يا شقيق الفؤاد حكمُك جورٌ ... لك مني حبٌ ولي منك بغضُ

نمْ هنيئاً فما دنا من جفوني ... مذ تناءيت عن جفوني غمضُ

غير أني إذا تأخر حظي ... منك والدمع واكف مُرفضُّ

كان لي مدح صاحب الخمس إبرا ... هيم حظا له على الفخر حضُّ

وله:

ما للحبيب وما لي ... تفديه نفسي ومالي

أريدُ عنه سلواً ... فإن بدا لي بدا لي

وله:

بثناياكَ العِذابِ ... لا تُطِلْ فيك عذابي

كنْ رحيماً بي رفيقاً ... واجعلِ الوصلَ ثوابي

لا يغرّنّك صبري ... واحتمالي منك ما بي

فالأسى بين ضلوعي ... والضّني بين ثيابي

وله في ذم مغنٍ:

غنّى فكدّ وعنّى ... مني فؤاداً مُعنّى

فقلت ماذا غناء ... تنحّ بالله عنّا

وله:

ما روضةٌ بالحَزْنِ ممطورةٌ ... لم تنتهبها أعينُ الناسِ

بكى عليه الغيث فاستضحكت ... عن نرجس غضٍّ وعن آسِ

أحسنَ من وجه أبي طاهر ... وإن رمى قلبي بوسواسِ

وله في صفة الليل الطويل:

وليلٍ كأن الحشرَ أول ساعة ... به بتّه والصبرُ ليس بنافعي

غنائي به لحنُ الثقيل من الأسى ... وشربي وإن أظمأ كؤوس مدامعي

فيا لك من ليلٍ أضاقَ مذاهبي ... وإن بتّ في ثوبٍ من الحزن واسعِ

[سليمان بن محمد الطرابلسي]

ذكر أنه سافر الى افريقية، وانتقل الى الأندلس، وتوطّنها، واتخذها لمخالطة ملوكها سكَناً، ومن شعره قوله من قصيدة:

نبّهتهُ لما تغنّى الحمام ... ومزّق الفجرُ قميصَ الظلامْ

وقلت قم يا بدرَ تمّ أدر ... في فلك اللهو شموسَ المدام

فقام نشوان وشمل الكرى ... له يرتمي مقلتيه التئام

ومجّ في الدنّ خلوقية ... عتّقها في الدنّ طول المقام

لاحت تحاكي ذهباً خالصاً ... دار من الدرّ عليها نظام

بِنتُ عناقيد إذا خامرت ... شيخاً أعارته مجون الغلام

يا هل لعيشي معه أوبة ... تعيد في وجه حياتي ابتسام

وله من قصيدة:

أجِرْ جفوني من دمعٍ ومن سهر ... وأضلعي من جوى فيهن مستعر

جرى عليّ بما شاء الهوى قدرٌ ... يا قومُ ما حيلة الإنسان في القدر

ما كنت أحسب دمعي سافكاً لدمي ... حتى أبحتُ لعيني لذّة النظر

<<  <  ج: ص:  >  >>