للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا إلاهي قرّب مزار حبيبي ... ولأنْت القدير نِعْمَ النّضير

[حماد بن الرفا الفاسي الشاعر]

له في الاستعطاف، والتنصل من الذنب، والاستعفاء من العتب:

دع العتْبَ وارجع لي حنانيك للعتبى ... وواصل إليّ الكَتْبَ واغتفر الذّنبا

وكن كالذي ما زال في الناس مُحسناً ... وإن هم أتوا ذنبا وهاجوا به كرْبا

وللعفو عن ذنب المُسيء عبادة ... تطيب بها ذكراً وتُرضي بها الرّبّا

ونحرز في أثنائها خيرَ مكسبٍ ... يكون جمالاً في الحياة وفي العُقبى

فإن اعترافي أنني لك مُذنب ... يجدّد لي عهداً ويثمرُ لي قربا

لعلّ الليالي تستجِدّ لقاءنا ... فأشكو بِعاداً زادني فيكمُ حُبّا

لقد طال هذا البعد حتى أذاقَني ... عذاباً ولقّاني به خطبُه خطْبا

إذا الريح هبّتْ من سماوة أرضكم ... ذهِلتُ فلم أملِك فؤاداً ولا لُبّا

وأستخبرُ الركبانَ عنكم لعلّني ... بذاك أقضي من سلام لكم نحبا

فلا مبلغ عنكم إليّ رسالة ... ولا قائل خيراً ولا دافع كتْبا

فأرجع مكلوم الفؤاد تشب به ... نار الصبابات لي شبّا

لعل الذي أفضى بنا لتفرّقٍ ... يسنّي لنا لقيا ويُسنِي لنا قربا

[يحيى بن عمارة]

له من قطعة:

قد كنت من قبلِ أن أهوى وأعشق لا ... أرثي لأهل الهوى في كل ما صنعوا

فاليوم أعذرُهم فيه وأرحمُهم ... إذ نحن فيه سواء كلنا شرَع

فدع عتابكَ في ريم علِقْتَ به ... فقلما عاشق بالعَتْب ينتفع

قد حصحص الحقُّ إني عاشق كلِفٌ ... والعاشقون لسلطان الهوى تبَع

[علي بن عبد الله المقدسي]

أورد قوله في الطيف:

طاف طيفُ الحبيب ليلاً وزارا ... ما رثى لي لما ألمّ ازْوِرارا

عجباً منه إذ أتى ما تأنّى ... بل ثنى طيفَه المُلِمّ وسارا

هاج لي ساكناً وأقلق منّي ... أضرم الشوق في الجوائح نارا

ولقد نمتُ قبل زورة سارٍ ... عن أمور هيّجْن لي تذْكارا

أذكرُ الحيّ والصّبا وسُليْمى ... وأموراً أظهرتُ منها استتارا

إذ عيون الخطوب عنّا نيام ... وثغور القبول تُبدي افتِرارا

أمطر الله بالغُوَير ربوعاً ... وسقاهُنّ وابلاً مدرارا

كم قطعنا بها ليالي وصلٍ ... ووصلنا بها السرور نهارا

ولنَشْرِ الصباح عرْف ذكيّ ... عِنبَريّ النّسيم لمّا استثارا

في رياض مدبّجات بنَورٍ ... مدرِجات كِمامها أزهارا

وكؤوس المُدام تجلى علينا ... حملت في لجَينهنّ نُضارا

من رحيق في الدنّ يذكر كسرى ... قِدَماً في الزمان والنّوْبَهارا

أنجُم في الكؤوس تُبدي طلوعاً ... لعيون وفي اللهى أنوارا

والتي تيّم الفؤاد هواها ... شمس حُسنٍ بها العقول حيارى

يُخجل الناظرين منها محيّا ... كمحيّا الصّباح حين أنارا

هي أنْسي ولذّتي ونديمي ... ودوائي إذا شكوتُ أوارا

شمّرتْ للوقوف منها بُروداً ... وأماطت عن وجنتَيْها خِمارا

ورمتني بأسهُمٍ من لِحاظٍ ... ماحطَتْ من فؤادي الأعشارا

ومتى شئت وصلها كان منها ... كون منع ولا رقيبٌ يُدارى

فلقد حال من زمانيَ حال ... ترك العقل والفؤاد مُطارا

وسعى بيننا من البيْن ساع ... شتّ شملاً مستجمعاً حين ثارا

قدرٌ سابق وحكم نَفوذ ... وخطوب رددْن منها المُعارا

أودعَتْنا الخطوب في كل أرض ... ودعتنا لحكمهنّ اضطرارا

<<  <  ج: ص:  >  >>