للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرف سقاه الفضل وسمي العلى ... فتضوع أزهار الثناء الأعطر

ساداتنا سادات كل معاشر ... إن حصلوا ولآنت سيد معشري

فإذا تلاحظت المكارم من فتى ... مضر أشار إليك أهل المحضر

وإذا جروا يوم المكرِّ سبقتهم ... وأتوا لقسمة مغنم، لم تحضر

ومنها:

هو مفخري يوم الجدال ومنصلي ... يوم النزال ورايتي في العسكر

من لم يرد علياه لم يرد العلى ... ما لم يرد بحريمه لم ينصر

ومنها:

أنا ذاك شيمتي الوفاء وإننّي ... لا بالملول ولست بالمتغيّر

وإذا تنكرت الأحبة فالرضى ... مني الجزاء ولست بالمتكبر

إني لأصبر عند كل عظيمة ... وإذا ظلمت مجاهرا لم أصبر

مهما تقسني بالرّجال وجدتهم ... مثل الحصا ووجدتني كالجوهر

فإليكها مثل العروس زففتها ... سكرى تجرّ ذيولها بتبختر

ومنها:

فابسط بفضلك عذر وافدة العلى ... وابسط لها وجه الكريم الموسر

واسمح لها لا تنتقدها إنها ... مع مفرط الاعجاز قول مقصر

وغني له بشعر يشهد قبول القلوب بحسنه، فعمل على وزنه، والشعر الذي غني به:

خليلي سيرا واربعا بالمناهل ... وردَّا تحيات الخليط المنازل

فإن سأل الأحباب عني تشوقا ... فقولا تركناه رهين البلابل

فقال:

وإن يَتناسوني لعذر فذكرا ... بأمري ولا تدري بذاك عواذلي

لعل الصبا تأتي فتحيي بنفحة ... فؤاديَ من تلقاء من هو قاتلي

فيا ليت أعناق الرياح تقلني ... وتنزلني ما بين تلك المنازل

وله من قطعة أولها:

خص يا غيث مربع الأحباب ... وتعاهد بالعهد عهد التصابي

ولتسلم على معرس سلمى ... ولتصل بالرباب دار الرباب

هي روضات كل أنس وطيب ... ومغان سكانها أصل ما بي

فكساها العلاء ثوب بهاء ... وسقاها الجمال ماء الشباب

ثم سارت ألبابنا فبقينا ... بين أهل الهوى بلا ألباب

فأصيب بها القلوب فصارت ... لشقائي مآلف الأوصاب

أمرضتني مرضى صحاح ولك ... نّ عذابي بين الثنايا العذاب

أقسم الشوق أن يقسم قلبي ... بين قوم لم يسألوا عن مصابي

فرقة آثرت صدودي وأخرى ... أخذت جِدَّ سيرها في الذهاب

أي وجد أشكو وقد صار قلبي ... رهن أيدي الصدود والاغتراب

بعت حظي من الوفاء متى ما ... لم أمت حسرة على الأحباب

ولئن همت بالجمال فإني ... أبدا عفت موضع الارتياب

ودعتني عن المقابح نفس ... خلقت من محاسن الآداب

وله:

يا بغيتي قلبي لديك رهينة ... فلتحفظيه فربما قد ضاعا

أوقدته وتركته متضرما ... بأوار حبّك يستطير شعاعا

لا تسلميه فإنه نزعت به ... تلك الخلال إلى هواك نزاعا

حاشا لمثلك أن تضيع ضراعتي ... ولمثل حبي أن يكون مضاعا

إني لأقنع من وصالك بالمنى ... ومن الحديث بأن يَكون سماعا

[الوزير الكاتب أبو محمد ابن القاسم]

كان والده صاحب شنتبريه، وصفه بالكرم والنفاسة، والشرف والرئاسة، والتدبير والسياسة، والوقار، الذي لا تستخفه كأس العقار، والمآثر التي آثرتها ألسنة الإيثار، بحسن الآثار، وذكر أن الدولة مع فقرها إلى غنائه، وفخرها بمضائه، وإنارة فجرها بأضوائه، ونضارة روضها بنواره وأنواره، تخلت عنه تخلي الحسناء عن حليها، والعقود عن درها، والبروج عن دريها، وذكر أنه قد أنس بوحشة انفراده، ولبس حلة انزوائه عن أنداده، وانقبض عن مخالطة الناس، ورفض مجالسة سائر الأنواع والأجناس، وولى وجهه شطر مسجد التقوى، ولزم بيته ونفسه تتقوت بغذاء العلم وتتقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>