للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تفوز بما جاد الخيال به ... فربما صدقت تلك المنامات

وله وقد ركب مع المنعوت بالمستعين في زورق، في يوم مونق:

لله يوم أنيق واضح الغرر ... مفضض مذهب الآصال والبكر

كأنما الدهر لما ساء أعتبنا ... فيه بعتبى وأبدى صفح معتذر

نسير في زورق حف السفين به ... من جانبيه بمنظوم ومنتثر

مد الشراع به نشرا على ملك ... بذ الأوائل في أيامه الأخر

هو الإمام الهمام المستعين حوى ... علياء مؤتمن عن هدي مقتدر

تحوي السفينة منه آية عجبا ... بحر تجمع حتى صار في نهر

تثار في قعره النينان مصعدة ... صيدا كما ظفر الغوّاص بالدرر

وللندامى به عبّ ومرتشف ... كالريق يعذب في ورد وفي صدر

والشرب في ود مولى خلقه زهر ... يذكو وغرتّه أبهى من القمر

ومن نثره استدعاء كبير إلى عرس أمير وهو أبو عبد الرحمان ابن طاهر صاحب المظالم: محلك - أعزك الله - في طي الجوانح ثابت وإن نزحت الدار، وعيانك في أحناء الضلوع باد وإن شحط المزار، فالنفس فائزة منك لتمثل الخاطر بأوفر الحظ، والعين منازعة إلى أن تمتع من لقائك بظفر اللحظ، فلا عائدة أسبغ بردا، ولا موهبة أسوغ وردا، من تفضلك بالحفوف إلى مأنس يتم بمشاهدتك التئامه، ويتصل بمحاضرتك انتظامه، ولك فضل الإجمال، بالإمتاع من ذلك بأعظم الآمال، وأنا، أعزك الله على شرف سؤددك حاكم، وعلى مشرع سنائك حائم، وحسبي ما تتحققه من نزاعي وتشوقي، وتنبينه من تطلعي وتتوقي، وقد تمكن الارتياح، باستحكام الثقة، واعترض الانتزاح، بارتقاب الصلة، وأنت، وصل الله سعدك، بسماحة شيمك، وبارع كرمك، تنشئ للموانسة عهدا، وتوري بالمكارمة زندا، وتقتضي بالمشاركة شكرا، حافلا وحمدا، لازلت مهنئا بالسعود المستقبلة، مسوغا احتلاء غرر الأماني المتهللة، بمنه.

[الوزير أبو عامر ابن ينق]

قال اليسع: طبيب كاتب شاعر، وأنا أروي عنه شعره كله وأجازني. ومصنف القلائد وصفه بالذكاء الباهر، والذهن الزاهر، والفهم الحاضر، وحدة القريحة والخاطر، لكنه ذو عجب مستهو، غير أن فضله الحسن على نسخ قبح عجبه محتو، وأورد من شعره المستبدع، ونظمه المصرع لمرصع قوله:

حسبي من الدهر أن الدهر يفتح لي ... بكر الخطوب وإني عاثر الأمل

دعني أصادي زماني في تقلّبه ... فهل سمعت بظل غير منتقل

وكلما راح جهما رحت مبتسما ... والبدر يزداد إشراقا مع الطفل

ولا يروعك إطراقي لحادثة ... فالليث مكمنه في الغيل للغيل

فما تأطّر عطف الرمح من خور ... فيه ولا احمرّ صفح السيف من خجل

لا غرو إن عطلت من حليها هممي ... فهل يعيّر جيد الظبي بالعطل

ويلاه هلا أنال القوس باريها ... وقلد السيف جيد الفارس البطل

ومنها في المديح:

أغرّ إن تدعه يوما لنائبة ... جلى ولا يكشف الجلى سوى جلل

قد أوسع الأرض عدلا والبلاد ندى ... والروض طلق الربى والشمس في الحمل

يرعى الممالك في قرب وفي بعد ... ويأخذ الأمر بين الريث والعجل

ذو عزمة لخطوب الدهر جردها ... أمضى من الصارم المطرور في القلل

وذو أياد على العافين جاد بها ... أشفى من البارد السلسال لِلْغُلَلِ

مصرّف قصب الأقلام نال بها ... مناله بشبا الخطية الذبل

من كل أهيف ما في متنه خطل ... والسمهرية قد تعزى إلى خطل

دع عنك ما خلدت يونان من حكم ... وسار في حكماء الفرس من مثل

وانظر إليها تجدها أحرزت سبقا ... في الحمد منها وحاز السبق في مهل

وله يتغزل:

وهيفاء يحكيها القضيب تأودا ... إذا ما انثنت في الرَّيْط أو حبراتها

يضيق الإزار الرحب عن ردفها كما ... تضيق بها الأحناء من زفراتها

وما ظبية وجناء تألف وجرة ... ترود ظلال الضال أو أثَلاتها

<<  <  ج: ص:  >  >>