للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبَاهي بها عبد الحميد براعة ... وأحملها حمل الغريب المصنف

[الأديب أبو القاسم ابن العطار]

ذكر أنه أحد نحاة إشبيلية وأدبائها وظرفائها، الخالعين العذار وألبائها، لا يقبل ملاما في مدام، ولا يقتل غراما في غلام، ولا ينهر هواه عن نهر، ولا يبهر إلا بمزهر وزهر. وقد أورد من شعره في ذلك ما يتقلد به لبات الرياض، وتنظر عن فتونه وفنونه في السحر فاترات العيون المراض، فمن ذلك في وصف نهر ركبه، حين استعذبه وأعجبه:

ركبنا على اسم الله نهرا كأنه ... حباب على عطفيه وشي حباب

وإلا حُسَامٌ جال فيه فرنده ... له من مديد الظل أي قراب

ول فيه:

عبرنا سماء النهر والجو مشرق ... وليس له إلا الحباب نجوم

وقد ألبسته الأيك برد ظلالها ... وللشمس في تلك البروج وجوم

وله فيه:

لله بهجة منزه ضربت به ... فوق الغدير رواقها الأنسام

فمع الأصيل النهر درع سابغ ... ومع الضحى يلتاح فيه حسام

وله فيه:

مررنا بشاطي النهر بين حدائق ... بها حدق الأزهار تستوقف الحدق

وقد نسجت كف النسيم مفاضة ... عليه وما غير الحباب لها حلق

وله فيه:

هبت الريح بالعشي فحاكت ... زردا للغدير ناهيك جنّه

وانجلى البدر بعدهدء فصاغت ... كفّه للقتال منه أسنّه

وله يصف عشية أنس:

لا كالعشية في رواء جمالها ... وبلوغ نفسي منتهى آمالها

ما شئت شمس الأرض مشرقة السنا ... والشمس قد شدت مطي رحالها

في حيث تنساب المياه أراقما ... وتعيرك الأفياء برد ظلالها

وله:

لله حسن حديقة بسطت لنا ... فيها النفوس سوالف ومعاطف

تختال في حلل الربيع وحليه ... ومن الربيع قلائد ومطارف

وله فيالغزل:

وسنان ما إن يزال عارضه ... يعطف قلبي بعطفة اللام

أسلمني للهوى فواحزنا ... إن بزّني عفّتي وإسلامي

لحاظه أسهم وحاجبه ... قوس وإنسان عينه رام

وله:

رقّت محاسنها ورقّ نعيمها ... فكأنّما ماء الحياة أديمها

رشأ إذا أهدى السلام بمقلة ... ولى بلب سليمها تسليمها

سكرى ولكن من مدامة لحظها ... واغضض جفونك فالمنون نديمها

وله:

الحب نسبح في أمواجه المهج ... لو مد كفا إلى الغرقى به الفرج

بحر الهوى غرقت فيه سواحله ... فهل سمعتم ببحر كله لجج

بين الردى والهوى في لحظه نسب ... هذي القلوب وهذي الأعين الدعج

دين الهوى حظّه عقل بلا كتب ... كما مسائله ليست لها حجج

لا العدل يدخل في سمع المشوق ولا ... شخص السلو على باب الهوى يلج

كأن عيني وقد سالت مدامعها ... بحر ييض ومن آماقها خلج

جار الزمان على أبنائه وكذا ... تغتال أعمارنا الآصال والدلج

بين الورى وصروف الدهر ملحمة ... وإنما الشيب في هاماتها رهج

وله:

بأبي غزال ساحر الأحداق ... مثل الغزالة في سنا الإشراق

شمس لها فوق الجيوب مشارق ... ومغارب بجوانح العشاق

نثر العقيق ونظم در رائق ... في مرشقيه وثغره البراق

عقد من السحر الحلال بلفظه ... وبها تحل معاقد الميثاق

هلا وقد مدّت إليه ضراعتي ... يدها تصافحها يد الاشفاق

ديَم الغمام برعدها وببرقها ... كاثرتها بسحائب الأشواق

ما أدمعي تنهل سحا إنما ... هي مهجتي سالت على الآماق

وله:

ألا يا نسيم الريح بلغ تحيتي ... فما لي إلى إلف سواك رسول

وقل لعليل الطررف عني بأنّني ... صحيح التصابي والفؤاد عليل

أينشر ما بيني وبينك في الهوى ... وسرك في طي الضلوع قتيل

وله:

هب النسيم مع العشي فشاقني ... إذ كان من جهة الحبيب هبوبه

<<  <  ج: ص:  >  >>