للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكأنها بين النساء سبيكة ... تمشي بسدة بيتها فتعي

ولو بنو من آية فعلا للزمهم ان يسقطوا فيها الجزم أو يدغموا كما أدغموا في يفر ومن شأنهم أن يتبعوا الشيء نظيره ليتجانس الكلام كما قالوا قام يقوم قياما فهو قائم فأعلوا في الألفاظ الأربعة فعلة قام كون الواو ألفا وعلة يقوم سكون الواو وعلة قيام كون الواو ياء وعلة قائم الهمزة ولو بنوا من آية على فعل يفعل للحقهم في ذلك أشد مما فروا منه في باع يبيع لأنهم لم يبنوا في هذا الباب شيئا على يفعل ولو رخمت رجلا أو امرأة اسمه آية لقلت فيمن قال ياحار يا آي فلم تقلب كما كنت فاعلا في شكاية ودراية إذا سميت بها الألف التي قبل الياء في آية معتلة ولان هذه الألف من نفس الحرف وألف شكاية ودراية زائدة وليست منقلبة عن شيء والقول الثاني في آية أصلها آية بالتشديد وأنهم فروا من المتشدد إلى الألف كما فروا إلى الياء في دينار وجمعه يدل على أن اصله دنار ولولا ذلك لقالوا ديانير ولم يقولوا دنانير واستثقالهم للياء أكثر من استثقالهم لغيرها من الحروف والألف أخف حروف اللين وكان القلب هاهنا أولى منه في قولهم حاري إذا نسبوا إلى الحيرة يقولون رجل حاري وانما القياس حيري ففروا إلى الألف قال امرؤ القيس:

فلما دخلناه أضفنا ظهورنا ... إلى كل حاري جديد مشطب

وهذا القول في آية قول الفراء وقد حكاه سيبويه عن قوم من النحويين لم يسمهم ولاشك ان الفراء تبعهم في ذلك. والقول لثالث في آية قول ينسب إلى الكسائي وهو أن آية أصلها فاعلة فإذا صح ذلك فلا بد من حذف ولا يكون المحذوف الهمزة إلا أحد حرفين الهمزة أو الياء فإذا قيل ان المحذوف همزة فاصلها آئية فحذفوا الهمزة وكان حذفها هاهنا أقيس منه في قولهم هو شاك السلاح ومكان هار. وقد حكى الخليل ان العرب قالت سؤته سواية والأصل سوائة فحذوا الهمزة لما فيها من الكلفة وقد قالوا ناس وأصلها أناس فحذفوا الهمزة وحذفها في آية إذا كانت فاعلة أقيس لأنها وقعت بعد الألف والألف مجانسة للهمزة وقبل تلك الألف همزة وبعد الهمزة المحذوفة ياء فكان الطرحُ كالواجب على فعل أميت كأنه في وزن باع من آية فقيل آيت تئي مثل آمت تئيم فهي آثمة فاعتلت الألف في الماضي كما اعتلت في آم وباع فهمزت في اسم الفاعل لما التقى ساكنان وهما ألف فاعل والألف التي كانت معتلة بالقلب في الماضي ولم يكونوا ليردوها إلى أصلها وقد أعلوها قي الفعل لأنهم يرغبون ان تكون الأفعال وأسماء الفاعلين مستوية في العلة أو في صحة فإذا صح أنهم حذفوا في شاك وبابه كان الحذف هاهنا ألزم وأحسن.

وإذا قيل ان المحذوف ياء فالعلة في ذلك انهم كرهوا اجتماع الحرفين المثلين اللذين يكره اجتماع مثلهما إذ كانا ليس ليسا كالدالين في راد وبابهلان الياء والواو لهما مزية في الإلقاء إذا كانتا مستثقلين ولم يجيء في كلامهم مثل حايية بالاظهار ولا مثل حاي بالادغام وفد كثر ذلك في غير الياء واستعملوا تضعيفا في الماضي دون المستقبل فقالوا حي وعي ولم يستعملوا مثل ذلك في الواو ولم يأت عنهم قو وان كان من القووة ولاحو إذا نطقوا الفعل من الحوة وكل ذلك لثقل الواو عليهم.

فإذا جمعت آية على قول الخليل على مثل آكم جمع أَكمٍ وأكمٍ وأكمٌ وجمع أكمة قلت في الرفع الخفض هذه آي به يافتى وعجبت من آي قرأهن فلان ولو نصبت لقلت سمعت آيياً فاتعظت غير ان هذأ شيء لم ينطق بمثله إلا أنه على باب أظب وأنت قائل في النصب رأيت، أظبيا ولا يمكنك أن تدغم إذا نصبت في قولك رأيت آييا لأنك تصير بالاسم إلى ما يستثقلون ولكنك تخفي ان شئت ومن أدغم يحيي ويعي على رأي الفراء كان الإدغام في رأيه أيسر منه في رأي الخليل لأنه لا يرى الإدغام في قولك رأيت محييا ومعييا ولكنه يرى الإخفاء والإظهار والمخفى عنده في وزن المظهر وكذلك عند غيره من أصحابه ألا ترى أن سيبويه أنشد هذا البيت على الإخفاء.

إني بما قد كلفتني عشيرتي ... من الذب عن أعراضها لحقيق

يخفى الباء في الميم في قوله بما ولا تكون الباء عنده إلا محتركةّ لأن سكونها كسر في رأيه ورأي غيره وكذاك قول الراجز:

وغير سُفعٍ مُثل يٍحامِم

أنشده سيبويه على الإخفاء وهذا لا يجوز إلا أن تكون الميم المخفاه متحركة.

<<  <   >  >>