للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فهذه زيادة بغير ضرورة لأنه لو حذف الياء لم يضر بالبيت وكذلك قولهم حواجيب في جمع حاجب وتوابيل في جمع تابل هو من هذا الباب وقياس قول الفراء انك إذا قلت فواعل كان دخول الياء فيه أصلح من دخولها في غيرها لأنه قد جاء فاعول في معنى فاعل كقولك رجل حاطوم وقاشور ويجب على قياس قوله أن يكون دخول اليآء في مثل مذاود أقوى منها في فواعل لأن مفاعل ومفاعيل تشتركان كثيرا ولأن مفعلاً مقصور من مفعال وقولك في منخير أقوى من قولك في مسجد لأن مفعيلاً قد كثر محو المعطير والمحضير ومفعيل قليل على إن الفراء قد حكى مسكين بفتح الميم في كتاب التثنية والجمع وحكى أبو مسحل منديل في منديل وهذه نوادر لا يطرد عليها القياس وقولنا مفاعيل في مفاعل عند الضرورة أقوى من قولهم افاعيل في أفاعل إذا كانت أفاعل جمع افعل مثل أحمر وأحامر لانه لا يجيء مثل افعال في الواحد إلا وهو يراد به الجمع فمن باب أفئيدة قول عبد مناف بن ربع الهذلى:

وللقسي أزاميل وغمغمة ... حسن الشمال تسوق الماء والبردا

فازا ميل جمع ازمل وهو الصوت وإنما القياس أزامل وقولهم في الضرورة ازانيد أسوغ من قولهم أزميل لانهم قالوا زند وازند وجاء أزناد فاذا قيل أزنيد كان على ازناد وإذا قيل ازاند وهو الوجه كان على ازند قال ابو ذؤيب:

اقبا الكشوح أهضمان كلاهما ... كعالية الخطي واري إلازاند

ومن هذا البيت الذي أنشده سيبويه:

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهم تنفاد الصاريف

فهذا البيت ذكره في ضرورة الشعر والأشبه أن يكون المراد به زيادة الياء في التصاريف لأن الواحد صيرف والباب صيارف كما انك إذا جمعت جيدا وهو القصير قلت جيادر ومن روى الراهم فانه يحتمل وجهين احدهما لن يكون من باب سواعيد وهو اقواى منه لان فعلالا كثير ويجوز إن يكون على قول من قال درهام فان كان درهام نطقوا به في غير الضرورة فليس في قول الفرزدق الداهيم شيء يحمل على الاضطرار لأن الباب على ذلك كما تقول عرزال وعرزازيل وقناطر وقناطير وان كانوا لم يقولوا درهام اللا في الضرورة كما قال الراجز:

لو إن عندي مائتي درهام ... لابتعت داراُ في بني حرام

وعشت عيش الملك الهمام ... وسرت في الأرض بلاخاتام

فأن دراهيم يجوز أن يشبه بما ذكره النحويون من الضروة التي يلتزمها الشاعر خشية النقص على الوزن وان لم يكن استعمال غيرها مخلاً بالنظم كما أنشدوا للهذلي:

أبيت على معاري فاخرات ... بهن ملوب كدم العباط

فزعموا أنه فتح الياء للضرورة ولو قال على معار فاخرات لم يخل بالبيت وانما كان ينقصه حركة لا يشعر بها في الغريزة ولا تعدم قصيدة من قصائد العرب والمحدثين اذا كانت على وزن يبت الهذلي الذي قافيته العباط إن تجيء فيها مواضع كثيرة قد حذفت منها الحركات والأبيات قويمة في الغريزة ومما زادوا فيه الياء كما زيدت في أفئيدة قولهم شيمال في شمال وبعضهم ينشد بيت امرئ القيس:

كأني بفتخاء الجناحين لقوة ... دفوف من العقبان طأطأت شيمالي

يريد شمالي وأما قول الراجز:

لا عهد لي بالنيضال ... كأنني شيخ بال

فانه أراد النضال فزاد الياء وهذا مردود إلى الأصل فهو اقوى من أفئيدة لأنك إذا قلت قاتلتُ وضاربت فأصل المصدر أن يجيء على فيعال مثل ضيراب وقيتل ليكون على عدة مصادر ذوات الأربعة بالزيادة وغير الزيادة نحو الإكرام والدحراج والكذاب وأما زيادتهم الألف فكقولهم العقراب في العقرب وهذا رديء لأنه يخرج إلى بناء مرفوض وانما يجييء فعلال في المضاعف مثل الزلزال والبلبال، والسلسال وقد جاء منه حرف واحد في غير المضاعف قالوا بالناقة خزعال أي ظلع وحكم الضرورة ليس كحكم غيرها في الأبنية ألا تراهم يقولون فعل لم يجيء منه إلا شيء قليل مثل إبل وإطل للخاصرة وبلز وهي المرأة الضخمة في أشياء نوادر ولا يعتدون بقولهم في الضرورة دبس وبكر يريدون الدبس والبكر في أشباه لهما كثيرة قال أبو زبيد:

فنهزة من لقوا حسبنهم ... أشهى اليه من بارد الدبس

وقال أوس بن حجر:

لنا صرخةٌ ثم إصماتةُ ... كما طرقت بنفاس بكر

وقال الراجز في العقراب:

<<  <   >  >>