للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوجه الآخر في مهيمن أن يكون من الأمن والأمانة وقد أبدلت الهاء من الهمزة وقد يبدلونها من الهمزة كثيرا كما قالوا هبريةٌ وإبريةٌ لما يتساقط من وسخ الرأس وهرقتُ وأرقتُ وهرحتُ الدابة وأرحتها وهما والله وأما والله ولما سُمع في القرآن مُهَمْين اعتبره أيهل النظر فوجدوه يحتمل امرين التكبير والتصغير فلم يجز إن يحمل على التصغير لأنه جاء في صفات الله سبحانه وعزت صفاته عن ذلك فلما لم يكن أن يجعل مثل مخيدع تصغير مُخدع ولا مثل مفيتح تصغير مفتح ولا مثل مُديخِل تصغير مدْخل ولا أن يحمل شيء من هذه المصغرات وجب أن يُحمل على مكبرات الأسماء فوجدوا حروفه كلها من الحروف التي يمكن زيادتها لأن الذين حصروا حروف الزيادة جمعوها في قولهم اليوم تنساه وهويت السمان وسألتمونيها ونحو ذلك.

فلما نظروا في حروف مُيهمن وجدوا ما حُصر من حروف الزيادة يتناول جميعها في الظاهر فعلموا أن جميع حروف الشيء لا يمكن أن تكون زوائد فابتدوءا بالنظر في الميم التي هي أول حروفه فعلموا أن لها ثلاثة موضع إذا كانت لها زوائد تُزاد أولاً ووسطا وآخراً فإذا كانت أول الاسم بعدها ثلاثة أحرف من الأصول حكم عليها بالزيادة ولم ينظروا إلى الحروف الأصلية أمعها زائد غير الميم أم لا فإذا كانت الحروف الأصلية مجردة من الزيادة سوى الميم فهي مثل قولك المخدع والمرسن والمدخل والمدهن وإذا كان في الأصلية زائد آخر فهو مثل قولك المرداس والمفتاح والمعلوق لواحد المعاليق وحكموا على ميم مغرود بالزيادة وهو ضرب من الكمأة لأنهم حكوا مَغرودا أو مُغرودا فقولهم مغرود بفتح الميم يحكم على أنه مفعول لأن هذا المثال كثر في مثل مضروب ومقتول وان لم يصرفوا من مغرود الفعل إلا انهم قد قالوا الغرد والغرد لضرب من الكمأة وقالوا في الجمع الغردة قال الشاعر:

تنفي الحصى زيما أطراف سنبكها ... نفي الغراب بأعلى انفه الغرده

وإذا حكموا على أن الواو زائدة في مغرود وهي كذلك بقي على ثلاثة أحرف من الأصول وفي أوله الميم فالحقوه بغيره من الأبنية في الحكم ولم يجعلوه مثل فعلول لان ذلك بناء مستنكر وإنما جاء في صعفوق لواحد الصعافقة ويقال انهم قوم يحضرون الأسواق بلا رؤوس أموال أموال وآل صعفوق خول باليمامة وإنما قالوا مغرود فضموا للاتباع كما قالوا منخر فكسروا لذلك.

وإذا كان بعد الميم ثلاثة أحرف فيها ألف نظر في أمرها إن كانت للتأنيث أو منقلبة من واو أو ياء أو ملحقة فإن كانت للإلحاق أو للتأنيث فالميم أصلية وإن كانت منقلبة فالميم زائدة فالملحقة مثل معزى يستدل على إن الميم من الأصل بقولهم معيز ومعر ويستدل على أن الألف للإلحاق بأنها تنون فتقول مررت بمعزى أمس وكذلك ينشد هذا البيت:

ومعزىً هدباً يعلو ... قران الأرض سودانا

ولو بنيت الفعلى من قولك هذا أمجد منك لقلت في التأنيث المجدى فحكمت على أن الميم أصلية وأن الألف للتأنيث لأنه من المجد.

واما المنقلبة من الواو والياء فمثل قولك المغزى والمقضى لأنه من غزوت وقضيت فهذا يحكم على أن ميمه لأن بعده ثلاثة أحرف من الأصول وكذلك يحكم على قولهم مراجل لضرب من الثياب بأن الميم فيه زائدة في أصح الأقوال فأما قول الراجز:

بشية كشية الممرجل

فان الميم لما كثر لزومها البناء أدخلوا عليها الميم التي تلحق المفعول في مثل مدحرج وبابه كما قالوا تمسكن فجعلوا الميم كأنها من الأصل وإنما هو من السكون وكذلك قالوا تمدرع من المدرعة وإنما القياس تدرع لأنها من الدرع.

وعلى ذلك يحمل موسى إذا أريد به موسى الحديد فإذا جعل مفعلا فالميم فيه زائدة وان جعل فعلى فالميم فيه أصلية فأما موسى اسم النبي (. فليس من العربية وان كان قد وافق لفظ موسى الحديد كما أن لوطاً ونوحاً ليسا من أسماء العرب وان وافقا فعللاً من ناح ينوح ولاط الحوض يلوطه إذا طلاه بالطين.

وإذا كان بعدها أربعة أحرف من الأصول مجردةً أو غير مجردة وكانت على زنة أسماء الفاعلين أو المفعولين حكم عليها بالزيادة مثل مدحرج ومسرهف وهو الحسن الغذاء فهذا فيه بعد الميم أربعة أحرف جردت من الزيادة وأما مقشعر ومحرنجم فبعد الميم أربعة أحرف معها زيادة فأحد الراءين في مقشعر زائدة وكذلك نون محرنجم.

<<  <   >  >>