للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كان البناء الذي في أوله الميم على غير أبنية الفاعلين والمفعولين حكمت على الميم التي في أوله بغير الزيادة إذا كان بعدها أربعة أحرف من الأصول مجردة أو غير مجردة مثل قولك المردقش والمردقوش وهو ضرب من النبت ويقال إنه الزعفران قال الشاعر:

وريح المرد قوشة والشهودا

فالميم ها هنا من الأصل لأن بنات الأربعة لا تلحقها الزوائد في أولها لا أن تكون أسماء فاعلين أو مفعولين أو ازمنة أو امكنة أو مصادر لأن الفعل إذا كان عدده أربعة فما زاد جاء مصدره في لفظ مفعوله وكذلك اسم الزمان والمكان منه فنقول أكرمت زيداً مكرماً وانت تريد إكراماً وكذلك هذا مكرم بني فلان أي الموضع الذي أكرموا فيه وجئتك مكرم بني فلان أي وقت أكرموا وقوله تعالى بسم الله مجراها ومرساها يجوز أن يكون المجرى والمرسى مصدرين في معنى الإرساء والاجراء ويجوز أن يكونا اسمين للزمان ويكونا في موضع نصب تقديره اركبوا فيها بسم الله وقت إجرائها ووقت إرسائها وإذا كانت الميم متوسطة حكم بأنها أصل ختى يدل الاشتقاق على غير ذلك وإنما تزاد وسطا في مواضع قليلة من ذلك قولهم دلامص وهو البراق يحكم على أن الميم فيه زائدة وكذلك يروى عن الخليل لأنهم قالوا دليص في معنى دلامص قال امرؤ القيس:

كنائن يجرى فوقهن دليص

وقال أبو دوءاد:

ككنانها الزغري جللها من الذهب الدلامص

وزعم غير الخليل أن ميم دلامص أصل وأنها لفظة قاربت لفظ دليص كما قالوا سبط وسبطر وجحد وجحدل إلا إن معنى جحد أنكروا معنى جحدل صرع وحكى عن الأصمعي أنه كان يجعل قولهم للأسد هرماسٌ من الهرس فالميم فيه زائدة على هذا القول ووزنه فعمال ووزن دلامص إذا كانت الميم زائدة فعامل.

وأما زيادة الميم في الأواخر فهي أكثر من زيادتها في الأوساط إلا انه لا يحكم عليها بذلك إلا بعد اشتقاق كقولهم للأزرق زرقم لأنه من الزرق وللمرأة الخدلة الساق خدلم ومن ذلك قولهم للبعير شدْقم لأنه من سعة الشدق قال الشاعر:

تمشي الدفقي من مخافة شدقم ... يمشي العجيلى والخنيف ويضبر

فلما نظروا في زيادة الميم أوجبت الصورة أن تكون ميم مُهيمن الأولى زائدة لأنه على مثال مُهينم وهو الذي يتكلم كلاما خفياً.

قال أوس بن حجر:

هجاوءك الا إنما كان قد مضى ... عليَّ كأثواب الحرام المهينم

ثم نظروا إلى الهاء فعلموا أنها من الأصول لأن زيادتها تقع في الأواخر للسكت وللتأنيث إذا وقفت كقولك أغزه في الوقف وطلحة ونحو ذلك فأما قولهم مُهراقُ فان الهاء بدل من الهمزة فكأن أصله موءراق فالهاء زائدة لأنها وضعت موضع الهمزة وليس ذلك إلا في هذا البناء وحده وتقول مُهَرِيق ومُهَريق ومهَراق ومِهْراق فتحرك وتسكن ومن ذلك قول امرىء القيس:

فان شفائي عبرة مُهراقة

وقال آخر.

فكنت كمهريق الذي في سقائه ... لرقراق آل فوق رابية صلد

ومثل مُهرق هرحت الدابة وهنرتُ الثووب إن صحا فالبناء واحد على افعَلْتُ وقد زادوا لهاء في أمهات وهو نادرو فحكموا على أن هاء مُهيْمن من الأصل وهي مع ذلك يجوز أن تكون مبدلة من همزة ولما صاروا إلى الياء علموا أنها زائدة لأنها مع ثلاثة أحرف من الأصول وهي تزداد أولا أولا ووسيطاً وآخرا فإذا زيدت أولا جاءت مع التجريد في مثل يرمع ويلمع ومع غير التجريد في مثل يعسوب ويعقوب ويعضيد وإذا زيدت وسطا افتنت في الزيادة فجاءت في فيعل مثل بيطر وصيرفٍ وفي فعيل مثل ظريف وكريم وغير ذلك وتكون وحدها زائدة في الاسم وتكون معها غيرها كقولهم مسكين ومحضير ومريح وخمير وإذا كانت زائدة في الطرف فإنها تقلب وتصير للإلحاق وقد اختلف في الياء الملحقة فقيل إن الهمزة تقلب عنها وهو أقيس وقال قوم بل تكون الهمزة هي الملحقة وعلى ذلك يجري القول في علباء وبابه ويحكم على ياء دِرْ حاية بالزيادة وهي في الطرف وإن كان بعدها هاء التأنيث لأن حروف التأنيث لا يحتسب به الا أنه قد عمل ها هنا في ظهور الياء ولو حذفت منه لقيل در حاء بالهمز.

وهذه حال الياء مع الأصول الثلاثة فإذا كانت بعدها أربعة من الأصول ولم تكن في أول فعل مضارع مثل قولك يدحرج، ويسرهف فهي أصلية كقولهم يستعور وهو اسم موضع قال عروة بن الورد:

أطعت الآمرين بصرم سلمى ... فطاروا في عضاه اليستعور

<<  <   >  >>