للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغريب: قول الطاعن إن عبدة الأصنام والهنود يحرقون أنفسهم بين

يدي الأصنام ويطلونها بالشمع والقطران حبا لها فكيف يكون حب المؤمنين

أشد؟

الجواب: الكافر يزعم أن الصنم أمره به وأحب ذلك منه، والمؤمن لو

علم أن الله يحب ذلك منه أو أمر به، لكان أسرع إليه من الكافر، ولأن الكافر يفعل ذلك، إذا رأى معبوده، والمؤمن يرى معبوده سبحانه في الجنة. وعن سعيد بن جبير: إن الله سبحانه يأمر من أحرق نفسه على حب الصنم أن يدخلوا جهنم مع أصنامهم، فيأبون، ثم يقول للمؤمنين بين يدى الكفار: إن كنتم أحبائي فادخلوا جهنم، فيقتحم المؤمنون النار، فينادي مناد من تحت العرش: (الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) .

قوله: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) .

من قرأ بالياء جعل (الَّذِينَ) فاعل و (أَنَّ الْقُوَّةَ) و (أَنَّ اللَّهَ) المفعول.

والمعنى: لو رأى الذين ظلموا حينَ يرونَ العذابَ، أو يريهم الله، فيمن

قرأ يُرون بالضم. وجواب "لَوْ" محذوف، أي لآمنوا، ومن قرأ بالتاء

جعل المخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد به غيره، والذين ظلموا المفعول وتقديره، لعلمت أن القوة لله.

ومن كسر (إِنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَإِنَّ اللَّهَ) (١) جعل الكلام مستأنفاً

وجواب "لَوْ" محذوفاً، وكذلك المفعول فيمن قرأ بالياء، ويحتمل أن يضمر

القول، فيكون جواباً لـ "لَوْ"، أي لقلت إن القوة، وقيل: إن القوة بدل من المفعول، وفيه ضعف.

قوله: (لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ) .

"أَنَّ" في محل رفع، أي وقع لنا كرور فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ، نصب على الجواب.


(١) قال العلامة شهاب الدين الدمياطي:
واختلف في (ولو ترى الذين) / الآية ١٦٥ فنافع وابن عامر وكذا ابن وردان من طريق النهرواني عن ابن شبيب عن الفضل بن شاذان عنه ويعقوب بالمثناة من فوق خطابا له ويرى إلى أمته والذين نصب به وإذ ظرف ترى أو بدل اشتمال من الذين على حد قوله تعالى إذ انتبذت وجواب لو محذوف على القراءتين أي لرأيت أمر فظيعا وافقهم الحسن والباقون بمثناة من تحت على إسناد الفعل إلى الظالم لأنه المقصود بالوعيد والذين رفع به وإذ مفعوله وأمال يرى الذين وصلا السوسي بخلف عنه ووقفا أبو عمرو وابن ذكوان من طريق الصوري وحمزة والكسائي وخلف وبالصغري الأزرق
واختلف في (يرون العذاب) الآية ١٦٥ فابن عامر بضم الياء على البناء
للمفعول على حد يريهم الله والباقون بفتحها على البناء للفاعل على حد (وإذا رأى الذين)
واختلف في (أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب) الآية ١٦٥
فأبو جعفر ويعقوب بكسر الهمزة فيها على تقدير إن جواب لو لقلت أن القوة لله في قراءة الخطاب ولقالون في قراءة الغيب ويحتمل أن تكون على الاستئناف والباقون بفتحهما والتقدير لعلمت أن القوة لله ولعلموا.
اهـ (إتحاف فضلاء البشر. ص: ١٩٦ - ١٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>