للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) - بالضم - أملهن إليك، و - بالكسر - قطعهن.

[واجمعهن] (١) إليكَ (٢) .

(عَلَى كُلِّ جَبَلٍ)

أي جبل بقربك، وهي أربعة أجبل.

الغريب: إنما خص أربعة أجبل، إشارة لنواحي الدنيا، ومهاب الريح.

من الجنوب والشمال والصبا والدبور، وجعل الطير أربعة ليكون جامعاً

للطباع الأربع، لأن كل واحد منها مخصوص بطبع

(ثُمَّ ادْعُهُنَّ)

تعالين بإذن الله.

الغريب: الدعاء ها هنا بمعنى الإرادة، أي أراد إتيانهن.

(يَأْتِينَكَ سَعْيًا)

قوله: (يَأْتِينَكَ) حال، أي يسعين سَعْيًا، فهو مصدر وقع موقع الحال.

وقيل: يسعين على أرجلهن، ويحتمل يطرن بسرعة.

الغريب: خص بهذه الطيور، إشارة إلى ترك طول الأمل، فان النسر

موصوف بطول الأمل. وترك الحرص، والغراب موصوف بالحرص، وترك

الشهوة، والديك موصوف بالشهوة، وترك الرعونة، والطاووس موصوف

بالرعونة.

العجيب، قول ابن بحر: ما قطع إبراهيم الطير أجزاء ولا أمر به.

وانما هو مثل إحياء الله الموتى، وهذا خلاف الجمهور.

قوله: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) .

أي مثل إنفاق الذين.

قوله: (حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ)

هذا تمثيل ولا يشترط وجوده، وقيل: يوجد ذلك في الدُّخْن، والتقدير، كمثل حبة بذرت فأنبتت.

(وَاللَّهُ يُضَاعِفُ) هذا التفعيف (لِمَنْ يَشَاءُ) .

وقيل: يضاعف على هذا أضعافاً.


(١) ما بين المعقوفتين زيادة ضرورية من تفسير القرطبي.
(٢) قال السمين:
قوله: {فَصُرْهُنَّ} قرأ حمزة بكسر الصادِ، والباقونَ بضمِّها وتخفيفِ الراء. واختُلِف في ذلك فقيل: القراءتان يُحتمل أَنْ تكونا بمعنىً واحدٍ، وذلك أنه يقال: صارَه يَصُوره ويَصِيره، بمعنى قَطَعه أو أماله فاللغتان لفظٌ مشتركٌ بين هذين المعنيين، والقراءتان تَحْتَمِلهما معاً، وهذا مذهبُ أبي عليّ. وقال الفراء:» الضمُّ مشتركٌ بين المعنيين، وأمَّا الكسرُ فمعناه القطعُ فقط «. وقال غيرُه:» الكسرُ بمعنى القَطْعِ والضمُّ بمعنى الإِمالةِ «. ونُقِل عن الفراء أيضاً أنه قال:» صَارَه «مقلوبُ من قولهم:» صَراه عن كذا «أي: قَطَعه عنه. ويقال: صُرْتُ الشيءَ فانصار أي: قالت الخنساء:
فلو يُلاقي الذي لاقَيْتُه حَضِنٌ. . . لَظَلَّتِ الشمُّ منه وَهْيَ تَنْصارُ
أي: تَنْقَطِعُ.
واختُلف في هذه اللفظةِ: هل هي عربيةٌ او مُعَرَّبة؟ فعن ابنِ عباس أنها مُعَرَّبةٌ من النبطية، وعن أبي الأسود أنها من السريانية، والجمهورُ على أنها عربيةٌ لا معرَّبةٌ.
و «إليك» إنْ قلنا: إنَّ «صُرْهُنَّ» بمعنى أمِلْهُنَّ تعلَّق به، وإنَّ قلنا: إنه بمعنى قَطِّعْهُنَّ تعلَّقَ ب «خُذْ» .
وقرأ ابن عباس: «فَصُرَّهُنَّ» بتشديد الراءِ مع ضَم الصادِ وكسرِها، مِنْ: صَرَّه يَصُرُّه إذا جَمَعه؛ إلا أنَّ مجيءَ المضعَّفِ المتعدِّي على يَفْعِل بكسر العين في المضارعِ قليلٌ. ونقل أبو البقاء عَمَّنْ شَدَّد الراءَ أنَّ منهم مَنْ يَضُمُّها، ومنهم مَنْ يفتَحُها، ومنهم مَنْ يكسِرُها مثل: «مُدَّهُنَّ» فالضمُّ على الإِتباعِ، والفتحُ للتخفيفِ، والكسرُ على أصلِ التقاءِ الساكنينِ.
ولمَّا فَسَّر أبو البقاء «فَصُرْهُنَّ» بمعنى «أَمِلْهُنَّ» قَدَّر محذوفاً بعده تقديرُه: فَأَمِلْهُنَّ إليك ثم قَطِّعْهُنَّ، ولمَّا فسَّره بقطِّعْهن قَدَّر محذوفاً يتعلَّق به «إلى» تقديرُه: قَطِّعْهُنَّ بعد أَنْ تُميلَهُنَّ [إليك] .
ثم قال: «والأجودُ عندي أن يكونَ» إليك «حالاً من المفعولِ المضمرِ تقديرُه: فَقَطِّعْهُنَّ مُقَرَّبةً إليك أو ممالةً أو نحوُ ذلك.
اهـ (الدر المصون) .

<<  <  ج: ص:  >  >>