للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتم أموره، فبرأه الله - عز وجل - من ذلك بقوله: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا)

بنسبة السحر إليه، وقيل: كفروا باستخراج السحر.

(يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)

بأن ألقوا في قلوبهم تعلمه، وقيل: بأن دلوا على تلك الكتب، وقيل: التعليم في الآية بمعنى الإعلام، وفي السحر

أقوال: أحدها: أنه قلب الأعيان واختراع الأجسام وتغيير صور الإنسان وفعل المعجزات كالطيران وقطع المسافات في أسرع زمان، قال القفال:

ومدعي هذا كافر، وكذلك من يصدقه، لأن في هذا التباس علامات النبوة

بسحر السحرة.

والثاني: أنه تمويهات وشعوذة ومخاريق وتخيل لما لا حقيقة له، من قوله: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) الآية.

وصاحب هذا فاسق، لأنه مقر بأنه مموه.

والثالث: أنه أخذ بالمعنى، من قوله: (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) الآية.

والرابع -: تضريب وتمويه وتخويف يزعم المبلغ أنه حق، فيؤثر فيه.

والخامس: أنه ضرب من استخدام الجن.

قوله: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ)

في "مَا" قولان: أحدهما: أنه الموصول.

والثاني أنه للنفي، وكلا القولين عن ابن عباس، ومن جعله الموصول.

ففيه قولان: أحدهما: أنه لما كثر السحر فيما بين الناس والتبس أمر الأنبياء

بعث الله ملكين يبينان ماهية السحر ومِمّ يكون وكيف يكون

والوجوه التي فيها يتوصل السحرة إلى الاحتيال على الجهال لستخف الناس

بالسحر ويعرفوا حقيقته، وكانا لا يعلمان أحداً ولا يكشفان وجوه الاحتيال فيه حتى يبذلا له النصيحة، ويقولا له: إنما نحن فتنة فلا تكفر ولا تستمعه

لتستعمله فيما نُيهتَ عنه، ولكن إذا وقفت عليه تحرز من أن ينفذ لساحر

<<  <  ج: ص:  >  >>