للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى قال عميد الدولة للمستظهر عنه وابن أخته: هما يمينا الدولة وأميناها. وكان لا يُبرم دونهما أمر. وكان كثير الصدقة والصلة، ذكر عنه أنه فرق في يوم من أيام الغلاء ثلاثين ألف رطل خبزاً.

كان بليغ الإنشاء سديد الآراء؛ رسائله تعبر عن غزارة فضله، ووفور علمه، وكان نثره أحسن من نظمه، لتمرنه عليه، وانقطاعه إليه. على أن له مقطعات مستعذبة أراها أحلى من الأرْي، وأزين من الحلي، وهي في أسلوب شعر الكتاب بعيدة من التكلف في الصنعة، أرق معنى من الدمعة، وأعذب لفظاً من كلمة كريم مستبشر الطلعة.

فمن تلك القطع الموشية، المؤنسة غير الوحشية قوله:

يا هِنْدُ رقّي لفتىً مُدنَفٍ ... يحسن فيه طَلَبُ الأَجرِ

يرعى نجوم اللّيل حتّى يرى ... حلّ عُراها بيدِ الفجرِ

ضاق نطاق الصّبر عن قلبه ... عند اتّساع الخَرق في الهَجْرِ

قد راقتني هذه الأبيات لرقّتها، وحلاوة الاستعارة في معناها مع دقتها، ولقد ساعده التوفيق، في هذا التطبيق، وما كل شاعر يخلص من هذا المضيق، هكذا شعر الكتاب يجمع إلى اللطافة طرافة، وإلى الحلاوة طلاوة.

<<  <   >  >>