للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قضى عمره في الهجر شوقاً إلى الوصل ... وأبلاه من ذكرى الأحبّة ما يبلي

وكان خليّ القلب من لوعة الهوى ... فأصبح من بَرْح الصبابة في شغل

وأطريه اللاحي بذكر حبيبه ... فآلى عليه أن يَزِيد من العذل

وإنّ مرير العيش يحلو بذكركمْ ... وهل لمرير العيش غيريَ مُسْتَحْل

وصالكم الدنيا وهجركم الردى ... وقربكُمُ عزّي وبُعدكُمُ ذلّي

ومستحسنٌ حِفظ الوداد فراقبوا ... لأجل اقتناء الحمد نهديّ لا أجْلي

نَفى الصبر من قلب المتيّم حَبلُهُ ... وكيف ثبات القلب في مسكن الخبل

فقلبيَ بين الشوق والصبر واقفٌ ... على جَدَد بين الولاية والعزل

إذا ما بقاء المرء كان بوصلٍ مَنْ ... يحبَ فإن الهجر نوعٌ من القتل

وهل نافعي عذل ونصح على الهوى ... وعذليَ يُغري بي ونصحيَ لا يسلي

وما كنت مفتون الفؤاد وإنّما ... عليّ فتوني دلَه فاتنُ الدلّ

نحولي ممّن شدّ عَقْدَ نطاقه ... على ناحلٍ واهٍ من الخصر منحلّ

إذا رام للصدِّ القيامَ أبت له ... روادفه إِلاّ القيامَ على وصلي

كبدر تجلّى في هَزِيع من الدجى ... وغصنٍ تثنّى فوق حقف من الرمل

وناظره نشوانُ لا من سلافة ... سقيمٌ بلا سقمٍ كحيل بلا كحل

وأشهد أنّ الحسن ما خطّ خطّه ... بعارضه والسحر ما طَرفه يُملي

وما لحظه إلاّ عُقارٌ فإنّني ... وجدت هوى عينيه يذهب بالعقل

سقى الله بالزوراء عصر استقامتي ... لإنجازه الوعد المَصَون من المَطلْ

غداة نضوت الجد أبلى جديده ... ولا عيشَ إلا هزّ عِطْفي إلى الهزل

<<  <   >  >>