للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعظم هذه الأنواع مقبول، وبعضُهَا ممدوح يستحقّ التقديرَ والإِعجاب لما فيه من تصرّف حسن، وحُسْنُ التصرُّف فيه يخرجه من الاتّباع إلى حيّزِ الابتداع، وأكثره خفاءً أكثره قبولاً.

***

النوع الرابع: "التشابه":

وهو أنْ يتشابه النصّان المأخوذ والمأخوذ منه، ولو كانا في غرضين مختلفين من الكلام، كالمدح والهجاء، والنسيب، ومنه على ما ذكروا قول الطِرِمّاح بن حكيم الطائي:

لَقَدْ زَادَنِي حُبّاً لِنَفْسِيَ أنَّنِي ... بَغِيضٌ إِلى كُلِّ أمْرِئٍ غَيْرِ طَائِلِ

غَيْرِ طَائل: أي: غَيْرِ ذي نفع وفائدة.

أخذ فكرته المتنبّي فقال، وأحسن:

وإِذا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ ... فَهِيَ الشَّهادَةُ لي بِأَنّي كَامِلُ

***

النوع الخامس: "النقل":

وهو أن ينقل الآخِذُ معنى المأخوذ منه إلى غير محلّه، ومن هذا النوع على ما ذكروا قول البحتري، وهو السابق:

سُلِبُوا فأَشْرَقَتِ الدِّمَاءُ عَلَيْهِمُ ... مُحْمَرَّةً فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُسْلَبُوا

أي: سُلِبُوا ثيابهم، فكانت الدّماء التي غطَّتُ أجْسَادَهُمْ بمثابَة الثياب عليها، فكأنّهم لم يُسْلَبُوا.

*أخَذَ المتنبّي هذا المعنى ونقلَهُ إلى السَّيْفِ، فقال:

يَبِسَ النَّجِيعُ عَلَيْهِ وَهْوَ مُجَرَّدٌ ... عَنْ غِمْدِهِ فَكأنَّمَا هُو مُغْمَدُ

النَّجِيع: دَمُ الجَوْف، يقال: طَعْنَةٌ تمُجُّ النَّجِيعَ، أي: تخرج دمَ الجوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>