للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرّقَ بينهما بأنّ لؤلؤ أسنانها تَجْلُوه عند ابتسامها، أمّا لؤلؤ كَلاَمِهَا فتُتَابِعُ إِسقاطه من فمها ليلتقطه سَمْع من تحدّثه.

***

الحالة الرابعة:

أنّ يكون المعنى الْكُلّي الذي دَلَّ عليه المتكلّم الأديب بعبارة ماذا أقسام، يَحْسُن لديه فنّياً أن يبيّنها، ويرى أنّ لها حكماً واحداً، ويرى فنّيّاً أن يُبَيّن اجتماعها فيه، فيعبّر عن الأمرين معاً بكلامٍ واحدٍ، فَيُقَسِّم أوّلاً ويجمع ثانياً، أو يَجْمَعُ أوّلاً ويُقَسِّمُ ثانياً.

وهذا ما يُطْلَق عليه في البديع "الجمع مع التقسيم".

أمثلة:

المثال الأول: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (فاطر/ ٣٥ مصحف/ ٤٣ نزول) الّذي سبق الاستشهاد به في التقسيم بشأن أمّةِ محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير أُمَّة أُخْرِجت للناس:

{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات بِإِذُنِ الله ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير} [الآية: ٣٢] .

جاء الجمع في هذه الآية ببيان أنّ أمّة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي الأمَّة الّتي اصطفاها الله وأَوْرَثَها الكتاب الجامع للكتب الرّبّانيّة السابقة وهو القرآن.

وجاء التقسيم ببيان أنّ هذه الأمّة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

* قسم ظالم لنفسه بالمعاصي مع صدق الإِيمان والإِسلام.

* وقسم مقتصد بفعل الواجبات وترك المحرمات دون توسُّع في النوافل والقربات، وهذه درجة سقف التقوى.

* وقسم سابق في الخيرات بإذن الله، وأهل هذا القسم إمّا أبرار، وإمّا محسنون، وجاء في القرآن تكريمهم باسم "عباد الرّحمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>