للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فوثقت بِاللَّه، وقويت نَفسِي، ثمَّ سَمِعت وَاعِيَة لَا أفهم مَعْنَاهَا، وَإِذا الْفضل بن الرّبيع قد أقبل إِلَيّ.

فَقَالَ: خلوا أَبَا حَامِد.

فَقلت: لَيْسَ هَذَا وَقت تكنيتي، فحللت، ودعا لي بخلع، فخلعت عَليّ.

ثمَّ قَالَ: أعظم الله أجرك فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَأخذ بيَدي، وأدخلني بَيْتا، فَإِذا الرشيد مسجى فِيهِ، فَكشفت عَن وَجهه، فَلَمَّا رَأَيْته مَيتا؛ سكنت.

فَقَالَ: هيه، هَات الْكتب الْبَاطِنَة الَّتِي مَعَك.

قَالَ: فأحضرت صندوقا للمطبخ قد نقبت قوائمه، وَجعلت الْكتب فِيهَا، وَجعلت الْجلد فَوْقهَا، فَأمرت بشق الْجلد، وَكسر القوائم، وسلمت الْكتب إِلَى أَصْحَابهَا، وَأخذت الْأَجْوِبَة، وانصرفت.

قَالَ مؤلف هَذَا الْكتاب: وَقد أَتَى أَبُو الْحُسَيْن القَاضِي فِي كِتَابه بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، لأبي الْعَتَاهِيَة، من غير أَن يذكر الْقِصَّة، وَزَاد بَين الْبَيْت الأول وَالْبَيْت الثَّانِي بَيْتا، وَهُوَ:

فَلَا تجزع وَإِن عظم ... الْبلَاء ومسّك الضَّرَر

وَذكر أَبُو بكر الصولي هَذَا الْخَبَر، فِي كِتَابه الْمُسَمّى بـ: كتاب (الأوراق) ، الدَّاخِل فِيمَا أجَاز لي رِوَايَته، بعد مَا سمعته مِنْهُ، فَقَالَ: حَدثنِي عبيد الله بن عبد الله بن طَاهِر، قَالَ: حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا، عَن بكر بن الْمُعْتَمِر، وَذكر نَحْو ذَلِك، إِلَّا شعر أبي الْعَتَاهِيَة، فَإِنَّهُ مَا ذكره، وَقَالَ: إِن مضرب الرشيد أسود كُله، لَهُ شرف، كَأَنَّهُ جبل أسود، وَلم يقل أَن الرشيد فِي قبَّة خَز، قَالَ: والرشيد فِي فازة خَز سَوْدَاء، وعَلى سَرِيره دست خَز أسود، وَعَلِيهِ جُبَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>