للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقلت: إِن الْفَزع الَّذِي كَانَ فِي قلبِي مِنْهُم لم يبسط لساني بِهِ.

فَقَالَ: من الَّذِي كَانَ مَعَك من هَؤُلَاءِ؟ فَقلت: هَذَا الْغُلَام، وأستاذه، وَوَاحِد من البَاقِينَ، فَأمر بِحل كتافهم، وتمييزهم من بَين أَصْحَابهم.

ودعا بمقبل، فَقَالَ لَهُ: مَا حملك على مَا فعلت بِابْن مَوْلَاك؟ فَقَالَ: سوء الأَصْل، وخبث الْعرق.

فَقَالَ: لَا جرم تقَابل بفعلك، وَأمر بِهِ فَضرب عُنُقه، وأعناق أَصْحَابه البَاقِينَ.

ودعا بالغلام، وأستاذه، وصاحبهما، وَقَالَ لَهما: لقد أحسنتما فِي فعلكما ودفعكما عَن هَذَا الْفَتى، فَالله يجزيكما عَن فعلكما الْخَيْر، فتوبا إِلَى الله من فعلكما، وانصرفا فِي صُحْبَة الله مَعَ صاحبكما، وَلَا تعودا إِلَى مَا أَنْتُمَا عَلَيْهِ من التلصص، فقد مننت عَلَيْكُمَا لحسن صنيعكما بِهَذَا الْفَتى، فَإِن ظَفرت بكما ثَانِيًا؛ ألحقتكما بأصحابكما.

فتابا وصاحبهما، وشكروا لَهُ، ودعوا، وَانْصَرفُوا.

وشكرته أَنا أَيْضا على مَا فعل، وحمدت الله على توفيقي لقَضَاء حق من أجارني، والانتقام مِمَّن ظَلَمَنِي.

ثمَّ صَار ذَلِك الْغُلَام وأستاذه من أصدقائي، وَكَانَا يَخْتَلِفَانِ إِلَيّ، ويقولان: قد أَقبلنَا على حرفنا فِي السُّوق، وَتَركنَا التلصص.

<<  <  ج: ص:  >  >>