للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَت لَهَا الخيزران: فَهَل لَك فِي الْمقَام عندنَا، عَليّ أَن نخلي لَك مَقْصُورَة من المقاصير، ويحول إِلَيْهَا جَمِيع مَا تحتاجين إِلَيْهِ، ويستمتع بَعْضنَا بِبَعْض؟ فَقَالَت: مَا درت إِلَّا على أقل من هَذَا الْحَال، وَإِذ قد تفضل الله، عز وَجل، عَليّ بكما، وبهذه النِّعْمَة، فَلَا أقل من الشُّكْر لأمير الْمُؤمنِينَ الْمهْدي، لكل نعْمَة، ولكما، فافعلي مَا بدالك، وَمَا أَحْبَبْت.

فَقَامَتْ الخيزران، وَقمت مَعهَا، وأقمناها مَعنا، ودخلنا نطوف بالمقاصير، فَاخْتَارَتْ، وَالله، أوسعها، وأحسنها.

فملأتها الخيزران، بالجواري، والوصائف، والخدم، والفرش، والآلات، ثمَّ قَالَت: ننصرف عَنْك، وَعَلَيْك بمنزلك، حَتَّى تصلحيه، فخلفناها فِي الْمَقْصُورَة، وانصرفنا إِلَى موضعنا.

فَقَالَت الخيزران: إِن هَذِه امْرَأَة رئيسة، وَقد عضها الْفقر، وَلَيْسَ يمْلَأ عينهَا إِلَّا المَال، ثمَّ بعثت إِلَيْهَا بِخَمْسَة آلَاف دِينَار، وَمِائَة ألف دِرْهَم.

وَأرْسلت إِلَيْهَا: تكون هَذِه فِي خزانتك، ووظيفتك، ووظيفة حشمك، قَائِمَة فِي كل يَوْم، مَعَ وظيفتنا.

ثمَّ لم نَلْبَث أَن دخل علينا الْمهْدي، فَقلت لَهُ: يَا سَيِّدي، لَك، وَالله، عِنْدِي حَدِيث طريف.

فَقَالَ: مَا هُوَ؟ فَحَدَّثته بالْخبر.

فَلَمَّا قلت لَهُ مَا كَانَ مني، من الْوُثُوب عَلَيْهَا، وإسماعها، اقشعر، واصفر.

ثمَّ قَالَ: يَا زَيْنَب، هَذَا مِقْدَار شكرك لِرَبِّك عز وَجل، وَقد أمكنك من عَدوك، وأظفرك بِهِ، على هَذَا الْحَال الَّذِي تَصِفِينَ؟ وَالله، لَوْلَا مَكَانك مني، لحلفت أَن لَا أُكَلِّمك أبدا، أَيْن الْمَرْأَة؟ قَالَت: فوفيته خَبَرهَا، فَالْتَفت إِلَى الخيزران، يصوب فعلهَا، وجزاها خيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>