للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَن لَهُ بَنَات أطفالًا، لَا كَاد لَهُم وَلَا كاسب سواهُ، وخوفني بِاللَّه عز وَجل، وسألني أَن أطلقهُ.

فأوقع الله تَعَالَى رَحْمَة لَهُ فِي قلبِي، فَقلت لَهُ: إِن لم أرجع إِلَيْهِ برأسك قتلني، ولحقك فقتلك.

فَقَالَ: يَا هَذَا أطلقني أَنْت، وَلَا تعد إِلَى صَاحبك إِلَّا بعد سَاعَة، وأعدو أَنا فَلَا يلحقني، وَإِن لَحِقَنِي، كنت أَنْت قد برأت من دمي، وَصَاحِبك لَا يقتلك مَعَ محبته لَك، فَتكون قد أجرت فِي.

فازدادت رَحْمَتي لَهُ، فَقلت لَهُ: خُذ حجرا، فَأَضْرب بِهِ رَأْسِي، حَتَّى يسيل دمي، وأجلس هَا هُنَا، حَتَّى أعلم أَنَّك قد صرت على فراسخ، ثمَّ أَعُود أَنا إِلَى القلعة.

فَقَالَ: لَا أستحسن أَن أكافئك على خلاصي بِأَن أشجك.

فَقلت: لَا طَرِيق إِلَى خلاصك، وخلاص نَفسِي، إِلَّا هَكَذَا.

فَفعل، وَتَرَكَنِي، وطار عدوا، وَجَلَست فِي موضعي، حَتَّى وَقع لي أَنه صَار على فراسخ كَثِيرَة، وَجئْت إِلَى أستاذي غريقًا بدمائي.

فَقَالَ: مَا بالك، وَأَيْنَ الرَّأْس؟ فَقلت: سلمت إِلَيّ شَيْطَانا، لَا رجلا، مَا هُوَ إِلَّا أَن حصل معي فِي الصَّحرَاء حَتَّى صارعني، فطرحني إِلَى الأَرْض، وشدخني بِالْحِجَارَةِ، كَمَا ترى، وطار يعدو، فَغشيَ عَليّ، فَمَكثت فِي موضعي إِلَى الْآن، فَلَمَّا رقأ دمي، وَرجعت قوتي، جئْتُك.

فَأنْزل خلقا وَرَاءه، فعادوا من غَد، وفتشوا عَلَيْهِ، فَمَا وقفُوا لَهُ على أثر، فَإِن يكن الله تَعَالَى، قد خلصني لشَيْء فعلته، فَلهَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>