للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحملهَا إِلَى عمر بن عبيد الله بن معمر التَّيْمِيّ، وَكَانَ أَمِير الْبَصْرَة يَوْمئِذٍ، فَأَعْجَبتهُ.

فَقَالَ لمولاها: كم شراؤها عَلَيْك؟ قَالَ: بِأَلف دِينَار، وَقد أنفقت عَلَيْهَا أَكثر من مائَة ألف دِرْهَم.

قَالَ: أما مَا أنفقت عَلَيْهَا، فَغير محتسب لَك، لِأَنَّك أنفقته فِي لذاتك، وَأما ثمنهَا، فقد أمرنَا لَك بِمِائَة ألف دِرْهَم، وَعشرَة سفاط ثِيَاب، وَعشرَة رُءُوس من الْخَيل، وَعشرَة من الرَّقِيق، أرضيت؟ قلت: نعم، رضيت، فَأمر بِالْمَالِ فأحضر.

فَلَمَّا قبض الْمولى الثّمن، وَأَرَادَ الِانْصِرَاف، استعبر كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه باكيًا، وأنشأت الْجَارِيَة تَقول:

هَنِيئًا لَك المَال الَّذِي قد حويته ... وَلم يبْق فِي كفّي إِلَّا التفكّر

أَقُول لنَفْسي وَهِي فِي كرباتها ... أقلّي فقد بَان الحبيب أَو أكثري

إِذا لم يكن لِلْأَمْرِ عِنْدِي حِيلَة ... وَلم تجدي شَيْئا سوى الصَّبْر فاصبري

قَالَ: فَاشْتَدَّ بكاء الْمولى، وَعلا نحيبه، ثمَّ أنشأ يَقُول:

فلولا قعُود الدَّهْر بِي عَنْك لم يكن ... يفرّقنا شَيْء سوى الْمَوْت فاعذري

أروح بهمّ فِي الْفُؤَاد مبرّح ... أُنَاجِي بِهِ قلبًا طَوِيل التفكّر

<<  <  ج: ص:  >  >>