للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنيف، وأغلق عَليّ خَمْسَة أَبْوَاب، فَكنت لَا أعرف اللَّيْل من النَّهَار.

فأقمت على ذَلِك عشْرين يَوْمًا، لَا يفتح عَليّ الْبَاب إِلَّا دفْعَة وَاحِدَة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة، يدْفع إِلَى فِيهَا خبز وملح جريش، وَمَاء حَار، فَكنت آنس بالخنافس، وَبَنَات وردان، وأتمنى الْمَوْت من شدَّة مَا أَنا فِيهِ.

فَعرض لي لَيْلَة من اللَّيَالِي، أَن أطلت الصَّلَاة، وسجدت، فتضرعت إِلَى الله تَعَالَى، ودعوته بالفرج، وَقلت فِي دعائي: اللَّهُمَّ، إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي فِي دم نجاح بن سَلمَة صنع، فَلَا تخلصني مِمَّا أَنا فِيهِ، وَإِن كنت تعلم أَنه لَا صنع لي فِيهِ، وَلَا فِي الدِّمَاء الَّتِي سفكت، فَفرج عني.

فَمَا استتممت الدُّعَاء، حَتَّى سَمِعت صَوت الأقفال تفتح، فَلم أَشك أَنه الْقَتْل، ففتحت الْأَبْوَاب، وَجِيء بالشمع، وحملني الفراشون، لثقل حديدي.

فَقلت لحاجبه: سَأَلتك بِاللَّه، اصدقني عَن أَمْرِي.

فَقَالَ: مَا أكل الْأَمِير الْيَوْم شَيْئا، لِأَنَّهُ أغْلظ عَلَيْهِ فِي أَمرك، وَذَلِكَ أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>