للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِن «أَو» هَا هُنَا، بِمَعْنى «وَيزِيدُونَ» .

وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ {٨٧} فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ {٨٨} } [الْأَنْبِيَاء: ٨٧-٨٨] ، قَالَ بعض الْمُفَسّرين: معنى {لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الْأَنْبِيَاء: ٨٧] : «لن نضيِّق عَلَيْهِ» .

وَهَذَا مثله قَوْله: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطَّلَاق: ٧] ، أَي: ضيق عَلَيْهِ، وَمثل قَوْله: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: ٣٩] .

وَقد جَاءَ «قدر» بِمَعْنى «ضيق» فِي الْقُرْآن، فِي مَوَاضِع كَثِيرَة، وَمن هَذَا قيل للْفرس الضّيق الخطو: فرس أقدر، لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يهرب من الله تَعَالَى نَبِي من أنبيائه، والأنبياء لَا يكفرون.

وَمن ظن أَن الله تَعَالَى لَا يقدر عَلَيْهِ، أَي: لَا يُدْرِكهُ، أَو أَنه يعجز الله هربا، فقد كفر، والأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام، أعلم بِاللَّه سُبْحَانَهُ، من أَن يَظُنُّوا فِيهِ هَذَا الظَّن الَّذِي هُوَ كفر.

وَقد رُوِيَ أَن من أدام قِرَاءَة قَوْله عز وَجل: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الْأَنْبِيَاء: ٨٧] الْآيَة إِلَى قَوْله: {الْمُؤْمِنِينَ} [الْأَنْبِيَاء: ٨٨] ، فِي الصَّلَاة، وَغَيرهَا، فِي أَوْقَات شدائده، عجل الله لَهُ مِنْهَا فرجا ومخرجا.

وَأَنا أحد من واصلها فِي نكبة عَظِيمَة لحقتني، يطول شرحها وَذكرهَا عَن هَذَا الْموضع، وَكنت قد حسبت، وهددت بِالْقَتْلِ، فَفرج الله عني، وأطلقت فِي الْيَوْم التَّاسِع من يَوْم قبض عَليّ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>