للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدَاوَة لَهُم، وَهَذِه لَام الْعَافِيَة، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

لدوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب ... وكلكم يصير إِلَى ذهَاب

وَقد علم أَن الْولادَة لَا يقْصد بهَا الْمَوْت، وَالْبناء لَا يقْصد بِهِ الخراب، وَإِنَّمَا عَافِيَة الْأَمر فيهمَا تصير إِلَى ذَلِك.

وعَلى الْوَجْه الأول، قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ} [الْأَعْرَاف: ١٧٩] أَي: إِن عَاقِبَة أَمرهم، وفعلهم، واختيارهم لنفوسهم، يصيرهم إِلَى جَهَنَّم، فيصيرون لَهَا، لِأَن الله عز وَجل، لم يخلقهم ليقصد تعذيبهم بالنَّار فِي جَهَنَّم، عز الله عَن هَذَا الظُّلم.

وَجعل الله عَاقِبَة أَمر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، من تِلْكَ الشدائد، وشدائد بعْدهَا، إِذْ أرْسلهُ إِلَى فِرْعَوْن، لتخليص بني إِسْرَائِيل، وقصصه الَّتِي قبلهَا، وَحَدِيثه إِذْ خرج خَائفًا يترقب، فَهَذِهِ شدَّة أُخْرَى كشفها الله تَعَالَى عَنهُ من تِلْكَ الشدائد، وشدائد بعْدهَا نالته يَأْتِي ذكرهَا أَن بَعثه نَبيا , وأنقذ بِهِ بني إِسْرَائِيل من الشدائد الَّتِي كَانُوا فِيهَا مَعَ فِرْعَوْن، فَقَالَ عز وَجل، فِي تَمام هَذِه الْقِصَّة: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ {٢٠} فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {٢١} } [الْقَصَص: ٢٠-٢١] ، فَهَذِهِ شدَّة أُخْرَى كشفها الله عز وَجل.

قَالَ تَعَالَى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ {٢٢} وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>