للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ لي البحتري: وَتَقَدَّمت أَنا، فأنشدت المعتز قصيدة مدحته بهَا، وهنأته بالخلافة، وهجوت المستعين، أَولهَا:

يجانبنا فِي الْحبّ من لَا نجانبه ... وَيبعد عَنَّا فِي الْهوى من نقاربه

فَلَمَّا بلغت فِيهَا إِلَى قولي، والمعتز يستمع:

فَكيف رَأَيْت الْحق قر قراره ... وَكَيف رَأَيْت الظُّلم آلت عواقبه

وَلم يكن المعتز بِاللَّه إِذْ سرى ... ليعجز والمعتز بِاللَّه طَالبه

رمى بالقضيب عنْوَة وَهُوَ صاغر ... وعري من برد النَّبِي مناكبه

وَقد سرني أَن قيل وَجه غاديا ... إِلَى الشرق تحدى سفنه وركائبه

إِلَى وَاسِط حَيْثُ الدَّجَاج وَلم تكن ... لتنشب إِلَّا فِي الدَّجَاج مخالبه

فاستعادني هَذِه الأبيات مرَارًا، فأعدتها عَلَيْهِ، فَدَعَا الْخَادِم الَّذِي كَانَ مَعَه فِي الْحَبْس، وَطلب مِنْهُ الرقعة الَّتِي كنت أنشدته الشّعْر الَّذِي كَانَ فهيا، فِي حَبسه، فَأحْضرهُ إِيَّاهَا بِعَينهَا.

فَقَالَ: قد أمرت لَك بِكُل بَيت مِنْهَا بِأَلف دِينَار، وَكَانَت سِتَّة أَبْيَات، فَأخذت سِتَّة آلَاف دِينَار.

ثمَّ قَالَ لي: كَأَنِّي بك، وَقد بادرت، فاشتريت مِنْهَا جَارِيَة، وَغُلَامًا، وفرسا، وأتلفت المَال، لَا تفعل، فَإِن لَك فِيمَا تستأنفه مَعنا من أيامك، وَمَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>