للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى لَا يهرب، وأنفذ الْكتاب إِلَى أَمِير دمشق، ليركب فِي جَيْشه فَيقبض عَلَيْهِ، وتجيئني بِهِ، وَقد أجلتك لذهابك سِتا، ولعودك سِتا، وَيَوْما لمقامك، وَهَذَا محمل، تَجْعَلهُ إِذا قيدته فِي شقَّه، تجْلِس أَنْت فِي الشق الآخر، وَلَا تكل حفظه إِلَى غَيْرك، حَتَّى تَأتِينِي بِهِ فِي الْيَوْم الثَّالِث عشر من خُرُوجك، وَإِذا دخلت دَاره فتفقدها، وَجَمِيع مَا فِيهَا، وَأَهله وَولده وحاشيته، وغلمانه، وَقدر النِّعْمَة، وَالْحَال، وَالْمحل , واحفظ مَا يَقُوله الرجل حرفا بِحرف، بِجَمِيعِ أَلْفَاظه، مُنْذُ وُقُوع طرفك عَلَيْهِ، إِلَى أَن تَأتِينِي بِهِ، وَإِيَّاك أَن يشذ عَلَيْك شَيْء من أمره، انْطلق مصاحبا.

قَالَ مَنَارَة: فودعته وَخرجت، فَرَكبْنَا الْإِبِل، وطوينا الْمنَازل، أَسِير اللَّيْل وَالنَّهَار، وَلَا أنزل إِلَّا للْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ، وَالْبَوْل، وتنفيس النَّاس قَلِيلا.

إِلَى أَن دخلت دمشق فِي أول اللَّيْلَة السَّابِعَة، وأبواب الْبَلَد مغلقة، فَكرِهت طرقها، فَنمت بِظَاهِر الْبَلَد، إِلَى أَن فتح بَابه فِي الْغَد، فَدخلت على هيأتي، حَتَّى أتيت بَاب دَار الرجل، وَعَلِيهِ صفف عَظِيمَة، وحاشية كَثِيرَة، فَلم أَسْتَأْذن، وَدخلت بِغَيْر إِذن.

فَلَمَّا رأى الْقَوْم ذَلِك، سَأَلُوا بعض أَصْحَابِي عني، فَقَالُوا لَهُم: هَذَا مَنَارَة، رَسُول أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى صَاحبكُم، فأمسكوا.

فَلَمَّا صرت فِي صحن الدَّار، نزلت، وَدخلت مَجْلِسا، رَأَيْت فِيهِ قوما جُلُوسًا، فَظَنَنْت أَن الرجل فيهم، فَقَامُوا إِلَيّ، ورحبوا بِي، وأكرموني.

فَقلت: أفيكم فلَان؟ قَالُوا: لَا، نَحن أَوْلَاده، وَهُوَ فِي الْحمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>