للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِك، فَيجْعَل ابْن الزيات الصَّبِي شبحا، ويتولى التَّدْبِير فيتلفنا، وَقد امتنعنا لفرط الْغم من الْأكل.

فَلَمَّا دخل علينا إيتاخ، لم نشك أَنه قد حضر لبلية، فأطلقنا، وعرفنا الصُّورَة، فدعونا للخليفة، وَلأَحْمَد بن أبي دؤاد، وانصرفنا إِلَى مَنَازلنَا لَحْظَة، ثمَّ خرجنَا، فوقفنا لأبي عبد الله دؤاد على الطَّرِيق، نَنْتَظِر عوده من دَار الْخَلِيفَة عشيا.

فحين رَأَيْنَاهُ ترجلنا لَهُ، فَقَالَ: لَا تَفعلُوا، وأكبر ذَلِك، ومنعنا من التَّرَجُّل، فَلم نمتنع ودعونا لَهُ وشكرناه.

فَوقف حَتَّى ركبنَا وسايرناه، وَأخذ يخبرنا بالْخبر، وَنحن نشكره، وَهُوَ يستصغر مَا فعل، وَيَقُول: هَذَا أقل حقوقكم، وَكَانَ الَّذِي لقِيه أَنا وَأحمد بن الخصيب.

وَقَالَ لنا: ستعلمان مَا أَفعلهُ مستأنفا.

ثمَّ رَجَعَ ابْن أبي دؤاد إِلَى دَار الْخَلِيفَة عشيا، فَقَالَ لَهُ الواثق: قد تبركت بِرَأْيِك يَا أَبَا عبد الله، وَوجدت خفَّة من الْعلَّة، ونشطت للْأَكْل، فَأكلت وزن خَمْسَة دَرَاهِم خبْزًا بصدر دراج.

فَقَالَ لَهُ أَبُو عبد الله: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، تِلْكَ الْأَيْدِي الَّتِي كَانَت تَدْعُو عَلَيْك غدْوَة، صَارَت تَدْعُو لَك عَشِيَّة، وَيَدْعُو لَك بسببهم خلق كثير من رعيتك،

<<  <  ج: ص:  >  >>