للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: لست أحتاج إِلَى كشف أَمرك برَسُول أرْسلهُ ليعرف خبرك، وَلَكِن لي أَشْيَاء أمتحنك بهَا، فأعرف صدقك من كَذبك، فدعوته إِلَى كشفها بِمَا شَاءَ.

فَدَعَا بِدَابَّة، ولبد، وسرج، ولجام، فَأمرنِي بتناول الدَّابَّة، فَأخذت الدَّابَّة من يَد السائس، ثمَّ أَمرنِي بِأخذ اللبد، فَأَخَذته، ثمَّ أَمرنِي بإلقائة على الدَّابَّة، فَفعلت مَا أَمرنِي بِهِ، ثمَّ أَمرنِي بتناول السراج، فَأَخَذته، ثمَّ أَمرنِي بشد الحزام، والثفر، واللبب، وَأخذ اللجام وإلجام الدَّابَّة، فَفعلت ذَلِك، ثمَّ أَمرنِي بركوب الدَّابَّة، فركبت، وَأَمرَنِي بالسير فسرت، وَأَمرَنِي بالإقبال والإدبار، فَفعلت، ثمَّ أَمرنِي بالنزول، فَنزلت.

فَقَالَ، عِنْد ذَلِك: أشهد أَنه ابْن ملك الرّوم؛ لِأَنَّهُ أَخذ الدَّابَّة أَخذ ملك، وَعمل سَائِر الْأَشْيَاء مِثْلَمَا تعمله الْمُلُوك، فَاشْهَدُوا أَنِّي قد زَوجته ابْنَتي.

فَلَمَّا قَالُوا شَهِدنَا، قَالَ: لَا تشهدوا.

فَلَمَّا سَمِعت قَوْله: لَا تشهدوا، تخوفت أَن يَأْتِي على نَفسِي.

ثمَّ قَالَ لي: لم أتوقف عَن الشَّهَادَة رَغْبَة عَنْك، وَلَكنَّا لنا شَرط لَا نقدر أَن نخالفه، وَلم نَأْمَن أَن تضطر إِلَيْهِ، فنحملك على شرطنا، وَهُوَ مَا لم نخبرك بِهِ، ونوقفك عَلَيْهِ، فنكون قد ظَلَمْنَاك، أَو نَدع لَك سنة بلدنا، فنكون قد فارقنا سنتنا، إِن سنتنا يَا رومي، أَن لَا نفرق بَين الزَّوْجَيْنِ إِذا مَاتَ أَحدهمَا، فَإِن مَاتَ الرجل قبل الْمَرْأَة، نومناها مَعَه فِي نعشه، وحملناهما مَعًا، حَتَّى ننزلهما إِلَى بِئْر هِيَ مأوى مَوتَانا، وَجَعَلنَا مَعَهُمَا طَعَاما وَشَرَابًا لثَلَاثَة أَيَّام، ثمَّ أنزلناهما على الْبِئْر، فَإِذا صَارا إِلَى قَرَارهَا سيبنا الحبال عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ إِن مَاتَت الْمَرْأَة قبل الرجل، جعلناها فِي سريرها، وَجَعَلنَا زَوجهَا مَعهَا، وصيرناهما جَمِيعًا فِي الْبِئْر، فَإِن رضيت بِهَذِهِ السّنة فَبَارك الله لَك فِي زَوجك، وَإِن لم ترض

<<  <  ج: ص:  >  >>