للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالك بن طوق يتَزَوَّج المهناة بنت الْهَيْثَم الشَّيْبَانِيّ

وجدت فِي كتاب أبي الْفرج الحنطبي المَخْزُومِي الْكَاتِب: أَن مُحَمَّد بن عبد الحميد الْجُشَمِي قَالَ: حججْت سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، فَأَنا فِي بعض الْمنَازل رَاجعا، إِذْ رَأَيْت فُقَرَاء بالبادية يستميحون، فوقفت مِنْهُم عَليّ جَارِيَة تَتَصَدَّق، بِوَجْه كَأَنَّهُ الْقَمَر حِين اسْتَدَارَ، أَو كقرن الشَّمْس حِين أنار، فَرددت طرفِي عَنْهَا، واستعذت بِاللَّه من الْفِتْنَة بهَا، فَلم تزل تذْهب وتجيء، فِيمَا بَين رجال الْحَج، وتعود إِلَى رحلي، فوقفت.

فَقلت لَهَا: أما تستحين أَن تبدين هَذَا الْوَجْه فِي مثل هَذَا الْموضع، بِحَضْرَة الْخَلَائق.

فلطمت وَجههَا، وَقَالَت:

لم أبده حَتَّى تقضت حيلتي ... فبذلته وَهُوَ الْأَعَز الأكرم

ويعز ذَاك عَليّ إِلَّا أَنه ... دهر يجور كَمَا ترَاهُ وَيظْلم

قد صنته وحجبته حَتَّى إِذا ... لم يبْق لي طمع وَمَات الْهَيْثَم

أبرزته من حجبه مقهورة ... وَالله يشْهد لي بِذَاكَ وَيعلم

كشف الزَّمَان قناعه فِي بَلْدَة ... قل الصّديق بهَا وَعز الدِّرْهَم

أَصبَحت فِي أَرض الْحجاز غَرِيبَة ... وَأَبُو ربيعَة أسرتي ومحلم

قَالَ: فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْت من جمَالهَا، وفصاحتها، وأدبها، وشعرها، فبررتها، وَقلت لَهَا: مَا اسْمك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>