للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أملاكي، وحبسني سبع سِنِين، كنت يردد عَليّ فِيهَا الْعَذَاب.

فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِه السّنة، سَأَلَهُ النَّاس فِي أَمْرِي، فأطلقني.

فَلم يمكنني الْمقَام ببلدي، وَتحمل شماتة الْأَعْدَاء، فَخرجت على وَجْهي أعالج الْفقر، بِحَيْثُ لَا أعرف، وَجئْت مَعَ الْحَج الْخُرَاسَانِي، أَمْشِي أَكثر الطَّرِيق، وَلَا أَدْرِي مَا أعمل، فَجئْت إِلَيْك لأشاورك فِي معاش أتعلق بِهِ.

فَقلت: قد رد الله عَلَيْك بعض ضالتك، هَذَا الْهِمْيَان الَّذِي وَصفته، عِنْدِي، وَكَانَ فِيهِ ألف دِينَار أَخَذتهَا، وعاهدت الله تَعَالَى، أنني ضامنها لمن يعطيني صفة الْهِمْيَان، وَقد أَعْطَيْتنِي أَنْت صفته، وَعلمت أَنه لَك، وَقمت، فَجِئْته بكيس فِيهِ ألف دِينَار.

وَقلت لَهُ: تعيش بِهَذَا فِي بَغْدَاد، فَإنَّك لَا تعدم خيرا إِن شَاءَ الله.

فَقَالَ لي: يَا سَيِّدي الْهِمْيَان بِعَيْنِه عنْدك، لم يخرج عَن يدك؟ قلت: نعم.

فشهق شهقة، ظَنَنْت أَنه قد مَاتَ مَعهَا، وَغشيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاق بعد سَاعَة، قَالَ لي: أَيْن الْهِمْيَان؟ فَجِئْته بِهِ، فَطلب سكينا، فَأَتَيْته بهَا، فخرق أَسْفَل الْهِمْيَان، وَأخرج مِنْهُ حجر ياقوت أَحْمَر، أشرق مِنْهُ الْبَيْت، وَكَاد يَأْخُذ بَصرِي شعاعه، وَأَقْبل يشكرني، وَيَدْعُو لي.

فَقلت لَهُ: خُذ دنانيرك.

فَحَلَفت بِكُل يَمِين، لَا يَأْخُذ مِنْهَا إِلَّا ثمن نَاقَة، ومحمل، وَنَفَقَة تبلغه، فَبعد كل جهد أَخذ ثَلَاث مائَة دِينَار، وأحلني من الْبَاقِي، وَأقَام عِنْدِي، إِلَى أَن عَاد الْحَاج، فَخرج مَعَهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>