للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَلِيد بن يزِيد يسْتَقْبل الْبَرِيد بِمَوْت هِشَام

وَحدث الْمُنْذر بن عَمْرو، وَكَانَ كَاتبا للوليد بن يزِيد بن عبد الْملك، قَالَ: أرسل إِلَيّ الْوَلِيد صَبِيحَة الْيَوْم الَّذِي أَتَتْهُ فِيهِ الْخلَافَة، فَقَالَ لي: يَا أَبَا الزبير، مَا أَتَت عَليّ لَيْلَة أطول من البارحة، وَعرضت لي أُمُور حدثت نَفسِي فِيهَا بِأُمُور، وَهَذَا الرجل قد جد بِنَا، فاركب بِنَا.

فَرَكبْنَا جَمِيعًا، وسرنا نَحْو ميلين، فَوقف على تل، فَجعل يشكو إِلَيّ هشاما، إِذْ نظر إِلَى رهج، قد أقبل، وَقَعْقَعَة الْبَرِيد.

فتعوذ بِاللَّه من شَرّ هِشَام، وَقَالَ: إِن هَذَا الْبَرِيد، قد أقبل، بِمَوْت حَيّ، أَو هلك عَاجل.

فَقلت: لَا يسؤك الله أَيهَا الْأَمِير، بل يَسُرك وينفعك، إِذْ بدا رجلَانِ على الْبَرِيد مقبلان، أَحدهمَا مولى لآل أبي سُفْيَان بن حَرْب، فَلَمَّا رَأيا الْوَلِيد نزلا، وسلما عَلَيْهِ بالخلافة، فَوَجَمَ، فَجعلَا يكرران عَلَيْهِ السَّلَام بالخلافة.

فَقَالَ لَهما: ويحكما مَا الْخَبَر، أمات هِشَام؟ قَالَا: نعم.

قَالَ: فمرحبا بكما، مَا مَعَكُمَا؟ قَالَا: كتاب مَوْلَاك سَالم بن عبد الرَّحْمَن، فَقَرَأَ الْكتاب، وانصرفنا.

وَسَأَلَ عَن عِيَاض بن سَالم، كَاتبه الَّذِي كَانَ هِشَام قد حَبسه، وضربه، فَقَالَا: لم يزل مَحْبُوسًا، حَتَّى نزلت بِهِشَام مُصِيبَة الْمَوْت، فَلَمَّا بلغ إِلَى حَال لَا يُرْجَى مَعهَا الْحَيَاة لَهُ، أرسل عِيَاض إِلَى الْخزَّان: احتفظوا بِمَا فِي أَيْدِيكُم،

<<  <  ج: ص:  >  >>