للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقلت: فَمَا ذَنبي حَتَّى غضب عَليّ، وَأي شَيْء جرى مني حَتَّى أوجب الَّذِي أَن يفعل بِي هَذَا؟ قَالَ: جزؤاك أَن يضْرب وسطك، وتصلب نصفا فِي جَانب، وَنصفا فِي جَانب.

فَقلت: الْعجب مني حَيْثُ صرت إِلَيْك، ونهضت، وَخرجت.

وَقطعت طريقي بالهم، وَالْغَم، مِمَّا دفعت إِلَيْهِ، وَأَنِّي لَا آمنهم، مَعَ غيبتي، على السّعَايَة عَليّ.

فَبَيْنَمَا أَنا فِي عَشِيَّة يَوْم، على بَاب الدَّار الَّتِي نزلتها، جَالِسا على كرْسِي، إِذْ أقبل إِلَيّ مولى لي، فَقَالَ لي سرا: قد قتل جَعْفَر بن يحيى الْبَرْمَكِي.

فتوهمت أَنه هُوَ أمره بذلك ليجد عَليّ حجَّة ينكبني بهَا، فبطحته، وضربته ثَلَاث مائَة مقرعة، وحبسته، وَبت بليلة طَوِيلَة على السَّطْح فِي دَاري.

فَلَمَّا كَانَ فِي السحر، إِذا صَوت حلق الْبَرِيد، فارتعت، وَنزلت عَن السَّطْح.

وَقلت فِي نَفسِي: إِن هجم عَليّ صَاحب الْبَرِيد فَهِيَ بلية، وَإِن ترجل لي فَفرج.

فَلَمَّا بصر بِي صَاحب الْبَرِيد ترجل لي، فطابت نَفسِي، وَدفع إِلَيّ كتابا من الرشيد، يُخْبِرنِي فِيهِ بقتْله جَعْفَر، وَقَبضه على البرامكة، ويأمرني بالشخوص إِلَى حَضرته.

فشخصت، فَلَمَّا وصلت إِلَيْهِ؛ عاملني من الْإِكْرَام والإنعام بِمَا زَاد على أمنيتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>