للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنفقتي، إِلَى أَن يفرج الله، تَعَالَى، عني، وَالْبَاقِي لَك، فَإِن عِيَالك كثير.

قَالَ أَحْمد بن أبي خَالِد: فرعى لي الْقَوْم ذَلِك؛ يَعْنِي: البرامكة، فَلَمَّا صَار الْأَمر إِلَيْهِم؛ أشركوني فِي نعمتهم، وَكَانَ آخر مَا وليت لَهُم جند الْأُرْدُن.

وانصرفت إِلَى مَدِينَة السَّلَام، وَقد سخط الرشيد على يحيى، وَمَعِي من المَال سِتَّة آلَاف دِينَار، فتوصلت إِلَى أَن دخلت إِلَيْهِ فِي الْحَبْس، فتوجعت لَهُ، وَعرضت عَلَيْهِ المَال.

فَقَالَ: لست أجحف بك، احْمِلْ إِلَيْنَا مِنْهُ ثَلَاثَة آلَاف دِينَار، وَكتب رقْعَة، بِخَط لَا أعرفهُ، ثمَّ أتربها، ثمَّ قطعهَا نِصْفَيْنِ، فَجعل أَحدهمَا تَحت مُصَلَّاهُ، وَدفع إِلَيّ الآخر.

وَقَالَ: أمرنَا قد ولّى، ودولتنا قد انْقَضتْ، وَهَذَا الْخَلِيفَة سيموت، وستقع فتْنَة يطول فِيهَا الْأَمر بَين خليفتين، يكون الظَّاهِر مِنْهُمَا صَاحب الْمشرق، وسيكون لغلام، يُقَال لَهُ: الْفضل بن سهل، مَعَه حَال، فَإِذا بلغك ذَلِك؛ فادفع إِلَيْهِ هَذَا النّصْف من الرقعة، فَإنَّك ستبلغ بهَا مَا تحب عِنْده.

قَالَ أَحْمد بن أبي خَالِد: فَخرجت من عِنْده، وَأَنا أندم النَّاس على إخراجي من يَدي ثَلَاثَة آلَاف دِينَار، إِلَى رجل قد نعى نَفسه إِلَيّ، فاحتفظت بِنصْف الرقعة.

وَمَضَت الْأَيَّام، وَولي مُحَمَّد المخلوع، وَوَقعت الْفِتَن، ولزمتني عطلة، ودامت، حَتَّى رقت حَالي، وَاشْتَدَّ اختلالي.

وَدخل طَاهِر مَدِينَة السَّلَام، فَإِنِّي ذَات يَوْم متفكر فِي أَمْرِي، متحير فِيمَا أعمله، سَمِعت قرع الْبَاب عَليّ.

فَقلت لزوجتي: اخْرُجِي إِلَى الدهليز، وأعرفي الْخَبَر، وَلَا تتكلمي، وَلَا تفتحي، فمضت، وَجَاءَت مَذْعُورَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>