للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ شَيْءٌ، فَيَأْتِينِي بِعَلامَتِهِ، وَيَأْخُذُهُ.

فَانْقَضَى يَوْمِي، وَأَنَا أُنَادِي، وَمَا جَاءَنِي أَحَدٌ، وَأَنَا عَلَى حَالِي مِنَ الْجُوعِ.

وَبِتُّ فِي بَيْتِي، لَيْلَتِي كَذَلِكَ، وَعُدْتُ إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَعَرَّفْتُهُ عِنْدَهُمَا يَوْمِي، حَتَّى كَادَ يَنْقَضِي، فَلَمْ يَأْتِنِي أَحَدٌ.

فَضَعُفْتُ ضَعْفًا شَدِيدًا، وَخَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَرَجِعْتُ مُتَحَامِلًا، ثَقِيلًا، حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى بَابِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلامُ، وَقُلْتُ قَبْلَ انْصِرَافِي: إِنِّي قَدْ ضَعُفْتُ عَنِ الصِّيَاحِ وَأَنَا مَاضٍ أَجْلِسُ عَلَى بَابِ إِبْرَاهِيمَ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَطْلُبُ شَيْئًا ضَاعَ مِنْهُ، فَأَرْشِدُوهُ إِلَيَّ.

فَلَمَّا قَرُبَ الْمَغْرِبُ، وَأَنَا فِي الْمَوْضِعِ؛ إِذَا أَنَا بِخُرَاسَانِيٍّ يَنْشُدُ ضَالَّةً، فَصِحْتُ بِهِ، وَقُلْتُ لَهُ: صِفْ لِي مَا ضَاعَ مِنْكَ، فَأَعْطَانِي صِفَةَ الْهِمْيَانِ بِعَيْنِهِ، وَذَكَرَ وَزْنَ الدَّنَانِيرِ وَعَدَدَهَا.

فَقُلْتُ: إِنْ أَرْشَدْتُكَ إِلَى مَنْ يَرُدُّهُ عَلَيْكَ، تُعْطِينِي مِنْهُ مِائَةَ دِينَارٍ؟ قَالَ: لَا.

قُلْتُ: فَخَمْسِينَ دِينَارًا؟ قَالَ: لَا.

قُلْتُ: فَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ؟ قَالَ: لَا.

فَلَمْ أَزَلْ أَنْزِلُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى دِينَارٍ وَاحِدٍ.

فَقَالَ: لَا، إِنْ رَأَى مَنْ هُوَ عِنْدَهُ، أَنْ يَرُدَّهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَإِلا فَهُوَ أَبْصَرُ، وَوَلَّى لِيَنْصَرِفَ.

فَوَرَدَ عَلَيَّ أَعْظَمُ وَارِدٍ، وَهَمَمْتُ بِالسُّكُوتِ، ثُمَّ خِفْتُ اللَّهَ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>