للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتباعك إِيَّاه إِلَى هَهُنَا، فيطلق لَك نَفَقَة، وَنحن مضيقون.

فَعلمت أَن الصَّوَاب فِي لِقَائِه، فأقمت وبكرت من غَد، فَدخلت إِلَيْهِ، فعاتبني على انقطاعي عَنهُ.

وَقَالَ: أَنا مفكر فِي أَمرك، وَقد غمني طول تعطلك، مَعَ قصدك إيَّايَ من بَغْدَاد، ومسيرك معي إِلَى هَهُنَا، ثمَّ الْتفت إِلَى كَاتب بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: أكتب لَهُ كتاب التَّقْلِيد؛ للإشراف على الضّيَاع بديار مُضر، وَأحل النَّفَقَة على الثغور الجزرية، واستقبل برزقه، وَهُوَ مائَة وَخَمْسُونَ دِينَارا، فِي كل شهر، الْوَقْت الَّذِي جَاءَنَا فِيهِ إِلَى الْموصل.

قَالَ: فشكرته، واضطربت من قلَّة الرزق.

فَقَالَ: اقبل هَذَا وَلَا تخالفني، إِلَى أَن يسهل الله، جلت عَظمته، غَيره، فَقُمْت مفكرا، من أَيْن أصلح أَمْرِي، وأتحمل إِلَى الْعَمَل، وَأنْفق إِلَى أَن أصل إِلَيْهِ؟ قَالَ: فَمَا خرجت من الدَّار حَتَّى ردني، فَقَالَ: بِالْبَابِ قوم يحْتَاج إِلَى إثباتهم، فاجلس وأثبتهم، وَعمل لَهُم جرائد بِأَسْمَائِهِمْ وحلاهم وأرزاقهم واستقبالاتهم، وجئني بهَا.

فتشاغلت بذلك يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَة، وَجئْت بالجرائد، فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا أَعْجَبته، وَقَالَ: أرى عَمَلك، عمل فَهِم بالجيش.

فَقلت: مَا عملته قطّ إِلَّا مرّة وَاحِدَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>