للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّريّ بْن الحكَم الثانية

ثمَّ ولِيَها السَّريّ بْن الحكَم الثانية من قِبَل المأْمون عَلَى صلاتها وخَراجها، قدِم بولايته عُمَر أخو هَرْثمة، فبعث الجُند إلى إِخْمِيم، فاستخرجوا السَّريّ من الحبس، فدخل الفُسطاط يوم الأربعاء لثنتي عشرة خلت من شعبان سنة إحدى ومائتين، فسلَّم إِلَيْهِ جميع الجُند الوِلاية، فجعل عَلَى شُرَطه محمد بْن عَسَّامة أيَّامًا، ثم عزله وولَّى الحارث بْن زُرعة بْن قَحْزَم أيَّامًا، ثمَّ عزله فولَّى ابنه ميمون بْن السَّريّ، ثمَّ عزله وولَّى أَبَا بَكْر بْن جُنادة بْن عيسى المَعافريّ، ثمَّ عزله فولَّى أَبَا صالح حَمَّاد بْن المُخارِق التَّميميّ، ثمَّ عزله فولَّى أخاه إسماعيل بْن الحكَم، ثمَّ عزله فولَّى أخاه صالح بْن الحكَم، ثمَّ عزله فولَّى أخاه داود.

وتتبَّع السَّريّ كلّ من كَانَ حاربه أو انتبه، فجعل يقتلهم ويصلِبهم، فعزّ وانتظم سُلطانه وقوِي أمره، ثمَّ ورد عَلَيْهِ كتاب المأْمون يأمره بالبيعة لوليّ عهده عليّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن عليّ بْن أَبِي طَالِب رِضوان اللَّه عليهم العَلَويّ وسمَّاه الرِّضى، ورد الكتاب بذلك فِي المحرَّم سنة اثنتين، فبُويع لَهُ بِمصر، وقام فِي فَساد ذَلكَ إبراهيم بْن المَهْديّ ببغداد.

فأخبرني أحمد بْن يوسف بْن إبراهيم، عَنْ أبيه، أن إبراهيم بْن المَهْدي، قَالَ:

فَلَا جُزِيتْ بَنو الْعَبَّاس خَيْرًا … عَلَى زُعْمي وَلا اغْتَبَطَتْ بِرِيِّ

أَتَوْنِي مُقْطعِينَ وَقَدْ أَتَاهُمْ … بَوَارُ الدَّهْرِ بالخَبر الجليِّ

وَحَلَّ عَصَائِبَ الأَمْلَاكِ منْهَا … وَشُدَّتْ فِي رُءُوسِ بَني عَلِيّ

فَصَحَّتْ أَنْ تُشَدَّ عَلَى رُءُوسٍ … تُطَالِبُهَا بِمِيرَاثِ النَّبيِّ

وكتب إبراهيم بْن المَهْدي إلى وجُوه الجُند بِمصر يأمرهم بخلع المأمون ووليّ عهده، وبالوثوب بالسَّريّ، فقام فِي ذَلكَ الحارث بْن زُرْعة بْن قَحْزَم بالفُسطاط، وعبد العزيز بْن الوزير الجَرَويّ بأسفل الأَرض، وسَلامة بْن عَبْد الملك الأزْديّ الطَّحَاويّ بالصعيد، وسُليمان بْن غالب بْن جِبْرِيل وهو إذ ذاك مَعَ الجَرَويّ، وعبد العزيز بْن عبد الرحمن بْن عَبْد الجبَّار الأَزْديّ، فخالفوا السَّريّ ودَعوا لإبراهيم بْن المَهديّ، وعقدوا عَلَى ذَلكَ الأمر لعبد العزيز بْن عبد الرحمن الأَزْديّ وأجمعوا عَلَى ولايته، فحاربه السَّريّ، فظفِر السَّريّ

<<  <   >  >>