للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم الجمعة لليلتين خلتا من ربيع الأول، وجعل محمد بْن سُلَيْمَان مكانه رجُلًا من أصحابه، يُقال لَهُ: البُكْتُمريّ، وصرف أَبَا زُرعة محمد بْن عثمان القاضي عَنْ قضائه، وردّ محمد بْن عَبْدَة بْن حَرْب عَلَى القضاء، وبعث محمد بْن سلميان بطُغْج بْن جُفّ واليًا إلى قِنَّسْرِين، وضمّ إِلَيْهِ جمعًا من جُند بني طُولُون، ثمَّ أمر بإِخراج الأَعراب الذين قدِموا معه، ثمَّ أخرج ولَد أحمد بن طُولُون وهم عشرون إنسانًا، وأخرج بَدْر الحمَّاميّ واليًا عَلَى دِمَشْق، وأخرج منها قُوَّاد بني طُولُون ومَواليهم وقتًا بعد وقت، فلم يبقَ بِمصر منهم أحد يُذكَر، فخلت منهم الدِّيار، وعفت منهم الآثار، وتعطَّلت منهم المنازل، وحلَّ بهم الدُّلّ بعد العِزّ والتطريد والتشريد بعد اجتماع الشمل، ونَضرة المُلك، ومُساعَدة الأيَّام.

قَالَ أحمد بْن محمد الحبشيّ:

الْحَمْدُ للهِ إِقْرَارًا بِمَا وَهَبَا … قَدْ لَمَّ بِالأمْنِ شَعْبَ الحَقِّ فَانْشَعَبَا

اللهُ أَصْدَقَ هذا الفَتْحَ لَا كَذِبٌ … فَسُوءُ عَاقِبَةِ المَثْوَى لِمَنْ كَذَبَا

فَتْحٌ بِهِ فتح الدُّنْيَا مُحَمَّدُهَا … وَفَتَّحَ الظُّلْمَ وَالإِظْلَامَ وَالكُرَبَا

لَا رَيْبَ رَبّ هِيَاجٍ يَقْتَضي دَعَةً … وَفِي القِصَاصِ حَيَاةٌ تُذْهِبُ الرِّيِبَا

رَمَى الإِمَامُ بِهِ عَذْرَاءَ غَادِرِهِ … فَافْتَضَّ عُذْرَتَهَا بِالسَّيْفِ وَاقْتَضَبَا

مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانٍ أَعَزُّهُمُ … نَفْسًا وأَكْرَمُهُمْ فِي الذَّاهِبِينَ أَبَا

سَرَى بأُسدِ الشَّرَى لَوْ لَمْ يُرَوْا بَشَرًا … أَضْحَى عَرِينُهُمُ الخَطِّيَّ لَا القَضَبَا

حُمَّ القَضَاءُ عَلَى اليَحْمُومِ حينَ أَتوا … مِثْلَ الدَّبَى يَمتَحُونَ الدِّبَّةَ الدَّأَبَا

إِيهًا عَلَوْتَ عَلَى الأَيَّامِ مَرْتَبَةً … أَبَا عَلِيٍّ تَرى مِنْ دُونِهَا الرُّتَبَا

<<  <   >  >>