للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحارث، وحسَّان بْن بَحْدَل، ومالك بْن هُبَيرة السَّكونيّ فِي أشراف كثير، وبعث ابنه عَبْد العزيز فِي جيش إلى أيلة ورجا ان يدخل مصر من تلك الناحية وأجمع ابن جَحْدَم عَلَى حربه ومنعه، فأشار عَلَيْهِ الجُند بحفر خَنْدَق يخندق بِهِ عَلَى الفُسطاط، فأَمر بحفره، فحُفر فِي شهر واحد.

قَالَ ابن أَبي زَمزَمة الحشنيّ:

وما الجِدُّ إِلَّا مِثْلُ جِدِّ ابْنِ جَحْدَمٍ … وَمَا العَزْمُ إِلَّا عَزْمُهُ يَوْمَ خَنْدَقِ

ثَلَاثُونَ أَلْفًا هُمْ أثَارُوا تُرَابَهُ … وَخَدُّوهُ فِي شَهْرٍ حَدِيثُ مُصَدَّقِ

وهو الخَندق الَّذِي فِي مقْبُرة الفُسطاط اليوم.

وبعث ابن جَحْدَم بمراكب فِي البحر ليخالف إلى عِيال أهل الشام عليها إلا كدر بْن حَمام اللَخْميّ، وقطع بعثًا فِي البر استعمل عليهم السائب ابن هِشام بْن كِنانة العامريّ، وبعث بجيش آخر عليهم زُهَير بْن قَيس البَلَويّ إلى أَيْلة ليمنع عَبْد العزيز من المسير إليها، فأَمَّا جيش السائب بْن هِشام فإِنَّ رَوْح بْن زِنْباع أخبر مَروان أَنَّ السائب لَهُ ابن مُسترضِع بِفلَسطين، فأخذه مَرْوان، فلمَّا التقوا ابرز إِلَيْهِ الصبيّ، فقال: أَتعرِف هذا يا سائب؟ قَالَ: هذا ابني.

قَالَ: نعم فوالله لئن لم ترجع عَودك عَلَى بَدْئك لَأَرْمِيَنَّك برأسه فرجع السائب بجيشه ذَلكَ ولم يُقاتل، فسُمّي جيشه جيش الكرَّارين، وأَمَّا المراكب فنزل عليها عاصف، فغرَّقها وغرِق بعضها، ونجا أميرها إلا كدر، وعاد إلى الفُسطاط.

وأمَّا زُهَير بْن قيس فلقي عَبْد العزيز بْن مَرْوَان ببُصاق وهي سطح عقَبة أَيْلة، فقاتله فانهزم زُهَير ومن معه، قَالَ زُهَير لعبد العزيز:

مَنَعْتَ بُصَاقًا والبِطَاحَ فَلَمْ تُرَمْ … بِطَاحُكَ لَمَّا أَنْ حَميتَ ذِمَارَكا

قَسَرتَ الأُلَى وَلَّوا عَن الأَمرِ بَعْدَما … أرادوا عَلَيْهِ فَاعْلَمَنَّ اقْتِسَارَكَ

<<  <   >  >>