للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويمِ دارةِ جُلجُل، إلاَّ ما عرضتَ علينا وجهك، وأنشدتنا من شعرك، وسمعت من الإنسي، وعرَّفتنا كيف إجازتُك له! فظهر لنا فارسٌ على فرسٍ شقراء كأنها تلتهب، فقال: حياك الله يا زُهير، وحيّا صاحبك أهذا فتاهُم؟ قلتُ: هو هذا، وأيُّ جمرةٍ يا عتُيبة! فقال لي: أنشد؛ فقلتُ: السيدُ أولى بالإنشاد. فتطامح طرفُه، واهتزَّ عطفه، وقبض عنانَ الشقراء وضربها بالسّوط، فسمت تُحضر طُولاً عنّا، وكرَّ فاستقبلنا بالصَّعدةِ هازاً لها، ثم ركزها وجعل يُنشد:

سما لك شوقٌ بعدما كان أقصرا ...

حتى أكمَلها ثم قال: لي: أنشِد؛ فهمتُ بالحيصة، ثم اشتدَّت قُوى نفسي وأنشدت:

شَجَتْهُ مَعانٍ من سُليمى وأدْؤرُ ...

حتى انتهيتُ فيها إلى قول:

ومِن قُبّةٍ لا يُدركُ الطَّرفُ رأسها ... تَزِلُّ بها ريحُ الصَّبا فتحدَّرُ

تكلّفتُها والليلُ قد جاش بحرهُ، وقد جعلت أمواجهُ تتكسرُ

<<  <   >  >>