للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِهِ» قَالَ: فَأَتَيْتُهُ , وَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعَ الأَشَجَّ، فَأَخَذْتُ عَيْبَتِي، فَأَخْرَجْتُ مِنْهَا ثَوْبَيْنِ حَسَنَيْنِ، وَأَلْقَيْتُ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ، وَأَلْبَسْتُهُمَا إِيَّاهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَجِئْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَنْظُرُ، نَظَرَ الْمَجْنُونِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلْ ظَهْرَهُ مِنْ قِبَلِي» فَأَقَمْتُهُ، فَجَعَلْتُ ظَهْرَهُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَجْهُهُ مِنْ قِبَلِي، فَأَخَذَهُ، ثُمَّ جَرَّهُ بِمَجَامِعِ رِدَائِهِ فَرَفَعَ يَدَهُ، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِثَوْبِهِ ظَهْرَهُ، وَقَالَ: «اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ» فَالْتَفَتَ وَهُوَ يَنْظُرُ نَظَرَ الصَّحِيحِ، ثُمَّ أَقْعَدَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَعَا لَهُ، وَمَسَحَ وَجْهَهُ، قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْمَسْحَةَ فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، كَأَنَّ وَجْهَهُ وَجْهَ عَذْرَاء شَبَابًا، وَمَا كَانَ فِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يُفَضَّلُ عَلَيْهِ، بَعْدَ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ دَعَا لَنَا عَبْدَ الْقَيْسِ، فَقَالَ: «خَيْرُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ، رَحِمَ اللَّهُ عَبْدَ الْقَيْسِ، إِذَا أَسْلَمُوا، غَيْرَ خَزَايَا، إِذْ أَبَى بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يُسْلِمُوا» قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَنَا، حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ، قَالَ الزَّارِعُ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنَّ مَعَنَا، ابْنَ أُخْتٍ لَنَا، لَيْسَ مِنَّا، قَالَ: «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» فَانْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ، فَقَالَ الأَشَجُّ: أَنْتَ كُنْتَ يَا زَارِعُ: أَمْثَلَ رَأْيًا مِنِّي فِيهِمَا، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ جَهْمُ بْنُ قُثَمَ، كَانَ قَدْ شَرِبَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْبَحْرَيْنِ مَعَ ابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ، فَضَرَبَ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ فِي سَاقِهِ، قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي وَأُمِّي، إِنَّ أَرْضَنَا، ثَقِيلَةً، وَخمَةً، وَإِنَّا نَشْرَبُ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ عَلَى طَعَامِنَا، فَقَالَ: «لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَشْرَبَ الإِنَاءَ، ثُمَّ يَزْدَادَ إِلَيْهَا أُخْرَى، حَتَّى يَأْخُذَ فِيهِ الشَّرَابُ، فَيَقُومُ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ، فَيَضْرِبُ سَاقَهُ بِالسَّيْفِ» فَجَعَلَ يُغَطِّي جَهْمُ بْنُ قُثَمَ سَاقَهُ، قَالَ: فَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْحَنْتَمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>